Wednesday 14/05/2014 Issue 15203 الاربعاء 15 رجب 1435 العدد
14-05-2014

رسالة غير قابلة للنشر إلى مجهول

وصلتني رسالة من أحد القراء الأفاضل؛ يعتب علي فيها لإيماني بالانقسامات الفكرية في مجتمعنا، وينكر ذلك؛ ويزعم أننا كلنا في وجهة واحدة؛ فكتبت له:

إلى ابن مدينتي العزيزة المجهول....

حياك الله وبياك يا ابن مدينتي الغالية.

أعلم علم اليقين أنك تنطلق من نية طيبة وغاية نبيلة؛ لكن الانقسامات الفكرية والتيارات المتعددة ليست يا أخي الكريم على ما تتمنى أنت أو أتمنى أنا.

كل ما حلمت به في رسالتك المؤدبة أحلم به أنا أيضا وأتمناه؛ لكن ما بين أيدينا من وقائع مؤسفة يكذب أحلامنا الطيبة..

لم حمل السلاح على الدولة ومن حمله وماذا يعتقد من ارتكب ذلك الوزر؟

أليسوا هم التكفيريون؟!

لم أدخل إلى السجون زمراً إثر زمر ودوّنت اعترافاتهم بإصرار ومكابرة على أفكار ضالة؟

أيمكن أن يتخطفهم أحد من بيوتهم دون جريرة أو ذنب ارتكبوه؟!

لم يول فلان وفلان وفلان وجوههم إلى دولة أخرى ليكيدوا لدولتنا؟

أليسوا إخوانا مسلمين يتلقون توجيهاتهم من الخارج؟!

أيها الأخ الطيب..

أنت تفترض أننا كلنا سواء ولسنا كذلك مع الأسف!

فينا الطيب والخبيث، والصادق والكاذب، والمنتمي والخائن، والمستقيم والمنحرف!

ومن هنا أشرع قلمي دفاعاً عن وطني ضد كل من لبس مسوح الدين كذباً وزوراً ليتزين به من أجل تحقيق مآرب دنيوية!

ومن هنا أشرع قلمي أيضاً لأدافع عن دين الله الحق الذي لم يأمر يوماً قط بإراقة قطرة دم حرام؛ ولكن المنحرفين عن منهجه من التكفيريين ومن لف لفهم أراقوا الدم الحرام وأوقدوا نار الفتنة التي لو توسعت لامتدت نيرانها إلى الوطن كله وإلى مستقبل الأبناء والأحفاد..

دين الله الحق أمر بالاجتماع على كلمة واحدة وبإعلان وحدة الأمة والبيعة لقائد البلاد والحزبيون يكيدون ويلحنون في القول ويثيرون الفتن ويمالئون الأعداء ويبسطون إليهم أيديهم مبايعين مطيعين؛ ضاربين صفحاً بانتمائهم إلى وطنهم وإلى قيادته ومندفعين خلف أوهام وسراب أفكار خيالية براقة كاذبة لم تفلح منذ ثمانين عاماً ( 1928م ) منذ أعلن حسن البنا حركته في جمع كلمة الأمة ولا لم شتاتها ولا توحيد صفوفها ولا بناء وطن واحد من أوطانها؛ بل زادت الأمة والأوطان فرقة وشتاتاً واحتراباً وانقساماً وضعفاً!

يا ابن مدينتي العزيزة الغالية التي أثق كل الثقة في طهارة ونبل ونقاء معدن أبنائها لا يمكن أبداً أن أحيد عن مبادئي الدينية التي أعتز بها وأذب عنها، ولا يمكن أبداً أن أميل أو استجيب لأي فكر منحل خرب مضاد للقيم الدينية والأخلاقية التي ارتوي منها ولله الحمد مع كل شعيرة ومع كل أذان ومع كل تكبيرة ومع كل ترتيل بصوت خاشع لآية من كتاب الله عزَّ وجلَّ!

لقد وقفت حرباً وشوكة في وجوه الليبراليين والمنحلين الأذناب ولعنتهم في الصحف وفي شبكتهم الليبرالية نفسها؛ ليس من اليوم فقط ولا من السنوات القليلة التي ظهرت لهم فيها صولة وجولة؛ بل والله من يوم أن ظهرت في الساحة الفكرية والأدبية قبل خمسة وثلاثين عاماً لوثة ما سمي بـ(الحداثة) آنذاك فصنفوني من قديم وحاربوني وأقصوني عن منابرهم إلى اليوم!

أنا يا ابن مدينتي العزيزة في حرب معلنة مكشوفة مع المنحرفين والشاذين فكراً وسلوكاً؛ من أقصى اليمين حيث التكفير والحزبية إلى أقصى اليسار حيث الليبرالية والعلمانية والانسلاخ والانحلال وضياع قيم الدين والمروءة والأخلاق!

فطب نفساً يا عزيزي أنني أشاركك كما أزعم أنك تقاسمني هذه المبادئ، وثق أيضاً أنني لست مكلفاً من أحد ولا تابعاً لأحد ولا وصاية لأي مخلوق على ما أكتب؛ بل هي دين وأمانة وصدق أرجو أن لاقي الله به وأسر؛ دفاعاً عن بيضة الإسلام وموئل الهداية ومنطلق الرسالة الإسلامية الخالدة والأخلاق الكريمة إلى البشرية كلها.

وحياك الله ورعاك وزادني وإياك صدقاً وإخلاصاً.

moh.alowain@gmail.com

mALowein@

مقالات أخرى للكاتب