Sunday 18/05/2014 Issue 15207 الأحد 19 رجب 1435 العدد
18-05-2014

إذا ذهبت للقطب الشمالي فتَخَلَّص من ساعتك!

نصيحة غريبة أليس كذلك؟ إذا كانت ساعتك ثمينة فربما لا داعي أن ترميها، لكن لا تحضرها معك لأنك لن تستفيد منها، فالقطب الشمالي لا وقت فيه. كيف يا ترى؟ هل الزمن متوقف هناك؟ لا، ليس كذلك، وإنما لنعرف كيفية عمل الوقت الذي نستخدمه، فعلينا أن نعرف أنه يعتمد على خط الطول، بحيث يكون التوقيت متزامناً ومعتمداً على موقع الشمس في السماء، فمثلاً من المبادئ المشتركة هو أن نقول إنّ وقت الظهر هو عندما تكون في الشمس أعلانا أي في منتصف السماء، والدول تتفاوت في هذا، فمنها من تصل الشمس فيها لذلك الموقع في الساعة الثانية عشرة ظهراً، ودولة أخرى لا تصل الشمس لوسط السماء إلاّ الساعة الثانية ظهراً، وهكذا. لكن ماذا نفعل في القطب الشمالي والشمس لا تشرق وتغرب إلا يوماً واحداً في السنة؟ لا حل! لكن هذه ليست مشكلة لأنه لا وجود دائماً للبشر هناك، ولهذا لم يعيِّن أحد للقطب الشمالي منطقة زمنية، فمن يذهب هناك - مثل العلماء لدراسة الأرض - فليفعل ما يريد، فيستطيع أن يضبط ساعته لتتوافق مع أي منطقة زمنية، سواءً غرينتش أو الرياض أو أيما شاء.

هذه من طرائف الزمن، فليس الزمن بنفس الثبات والاستقرار الذي نظنه، وليس موحّداً لكل المناطق بل ولا لكل الناس حتى في المناطق العادية، فمما وجده البعض هو أنّ الوقت يتفاوت في الإحساس بين الناس. البعض يمضي وقت طويل عليه، والبعض يمضي عليه وقت أقصر، لكن كليهما يشعر أن نفس الوقت انقضى، حتى لو كانت ظروفهم نفسها. غريب أليس كذلك؟ لكن هذا ما طرحه العالم النفسي روبرت ليفين في كتابه «جغرافيا الوقت»، ففي أسفاره لاحظ فرقاً في شعور الناس بالوقت، فلما سافر للمشرق الإسلامي وجد أنّ الناس يفكرون بالوقت بطريقة تختلف عن طريقته الأمريكية، فالناس في أمريكا يتعاملون مع الوقت - بشكلٍ عام - على أنه قِطَع من 5 دقائق، بينما في المشرق فإنّ الفترة تزداد إلى 15 دقيقة، فالعربي الذي ينتظر صديقاً قد ينتظر 15 دقيقة، بينما الأمريكي ينتظر 5 دقائق، وهنا الأمر الشيق، فكلاهما «يشعر» بنفس الزمن حسب كلام ليفين! والأمريكي الذي يأخذ قيلولة 5 دقائق يشعر بنفس فترة الزمن التي يشعر بها الشرقي الذي يقيل 15 دقيقة. وعلى غرابة هذه الفكرة إلاّ أنّ تجربة أخرى دعمتها، فقام باحث بتكليف بعض الناس من جنسيات مختلفة بأن ينظروا لشكلٍ معقد لمدة 47 ثانية (بدون أن يعلموا الوقت الذي مضى) ثم طلب منهم تقدير الوقت الذي أمضوه في التحديق في الصورة، فأما الأمريكان فكانوا يعطون تقديرات قائمة على فترات من 5 ثوان، فيقول الأمريكي إنه قضى 60 إلى 65 ثانية ينظر (أي يضع الفترة بين التقديرات 5 ثواني)، بينما بعض الجنسيات الأخرى ومنهم العرب قال إنه قضى 60 أو 75 ثانية ينظر لها، فامتد التباين في وصف الوقت إلى الثواني وليس الدقائق فقط.

كنا نظنه ثابتاً موحّداً، لكن الوقت أعقد مما نظن بكثير.

Twitter: @i_alammar

مقالات أخرى للكاتب