Wednesday 21/05/2014 Issue 15210 الاربعاء 22 رجب 1435 العدد
21-05-2014

ليبيا تستنسخ الثورة المصرية

كون القوى الإقليمية والدول الأوروبية الغربية التي أحدثت التغييرَ في ليبيا وأنهت حكم العقيد القذافي، غير مُهيأة الآن لإعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا، لأسباب تتعلق بأوضاعها الاقتصادية وعدم قدرتها على تخصيص أموال لتمويل عمل عسكري ضخم يُمكن استرداده، فقد اُستبدل ذلك بعمل من داخل ليبيا تقوم به ما تبقى من قوات نظامية كان البعض منها من كتائب النظام السابق، والبعض الآخر تشكَّل بعد ثورة 17 فبراير.

وهكذا، بعد أن غاب المنطق وانحدرت ليبيا إلى مصير يقودها إلى دولة فاشلة ومستنقع كبير للإرهاب الإقليمي، تم صياغة حل ينبع من الداخل وبتخطيط إقليمي أوروبي مدعم بإسناد مخابراتي دولي، وقد بدأ التخطيط لهذا التحرك بدعوة اللواء المتقاعد خليفة حفتر قائد القوات البرية الذي ترك عمله قبل استفحال الأوضاع، وقد اُستدعي حفتر إلى واشنطن ومرَّ ببعض العواصم الغربية، حيث جرى صوغ خطة لإعادة الأوضاع ومحاصرة المليشيات العسكرية غير المنضبطة والتي تنتمي إلى القبائل الليبية أو إلى الجماعات الإسلامية المتطرفة.

اللواء حفتر، ومن خلال علاقته بما تبقى من القوات النظامية المنضوية تحت مظلة الجيش الوطني، أُنيطت به مهمة تصفية المليشيات المسلحة القبلية والأخرى المنتمية للإسلام السياسي، والعملية التي تجري الآن في ليبيا يحلو للمراقبين تشبيهها بما حصل في مصر، حيث يتولى الجيش الليبي إحداث التغيير، وقد ذكرت قبل أيام صحيفة الفايننشيال تايمز أن أكثر من جهاز استخبارات غربي وإقليمي يدعمون تحرُّك اللواء حفتر، وأنه بالإضافة إلى حصوله على (الضوء الأخضر) من الدول الغربية والإقليمية، وبالذات أمريكا والدول الأوروبية المحاذية بحرياً لليبيا، والدول العربية المجاورة، فإن أجهزتها المخابراتية تزوِّده بالمعلومات في قادم الأيام، عن طريق طائرات بدون طيار لمساعدته في تحرُّك قواته.

مهمة حفتر شبيهة بما قامت به القوات المسلحة المصرية، وإن كانت في ليبيا أصعب وأخطر، إذ إن المطلوب من الجيش الوطني الليبي الذي يُعيد صياغته اللواء حفتر، هو محاصرة المليشيات القبيلة والحزبية، ثم حصر السلاح على الجيش الوطني، وإذا علمنا أن في ليبيا الآن قرابة الآلاف من المليشيات، وأكثر من 22 مليون قطعة سلاح بعضها أسلحة ثقيلة، نعرف صعوبة المهمة التي اضطلع بها اللواء حفتر، إلا أنه أظهر في الأيام القليلة قدرةً على إعادة تجميع الجيش الوطني، فانضمت إليه القوات الخاصة وقاعدة طبرق، فيما أبدت القوى الدولية والإقليمية رغبة في مساعدته بالمعلومات وحتى بالدعم المالي، حتى لا تنحدر ليبيا إلى وحل للإرهاب لا يبعد كثيراً عن الحدود الأوروبية ويُشكِّل مدخلاً إلى أفريقيا.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب