Thursday 22/05/2014 Issue 15211 الخميس 23 رجب 1435 العدد
22-05-2014

ثمانون ملياراً للتعليم هل سترقى بالفكر؟

ليس غريبا أن تدعم الدولة خطط تطوير التعليم بثمانين مليار ولمدة خمس سنوات إذ سبق أن دعمت بأكثر من هذا المبلغ الضخم لتؤكد في كل مرة أن المال ليس مشكلة، والسيولة المطلوبة ستوفر مهما بلغ الرقم إيمانا من الدولة بأهمية التعليم ودوره في بناء الإنسان فكرا وسلوكا، ولن يكون المال عذرا أمام من يملكون إرادة التطوير والتجديد والتغيير للأفضل.

المال ليس حجة فما قدم للتعليم وتطويره من أرقام فلكية كفيلة بتقديم نوعية مختلفة من التعليم. تعليم يسير بهذا البلاد خطوات بعيدة في طريق التقدم. المهم كيف تستثمر هذه الأموال بطريقة صحيحة لتطوير مستويات القيادات التربوية في المدارس والمعلمين والمعلمات والمناهج والبيئات المدرسية، وتحسين مستويات الطلاب والطالبات العلمية والسلوكية.

قد يكون من اليسير تطوير البيئات المادية من مباني فسيحة وفصول واسعة وملاعب ملائمة، ومختبرات ومكتبات وانترنت وسبورات ذكية وأجهزه، وأجزم بأن بعض المدارس يتوافر فيها أكثر من ذلك بكثير وبالذات المدارس الخاصة، وبعض المدارس النموذجية، أو المدارس قديمة التأسيس ما يعني أنها توفر بيئات مثالية للتعليم ورغم ذلك نجد أن مخرجاتها متدنية المستوى علميا وسلوكيا، وكي لا أغرق في التعميم أستثني بعض الطلاب الذين يحظون برعايات ومتابعات خاصة من أسرهم، وأستثني كذلك الطلاب النابهين والذين لا يحتاجون إلا إلى القليل من الاهتمام كي يحققوا أفضل النتائج أما الغالبية فلا تسأل عن تعاسة أحوالها وسوء منقلبها.

التحدي الحقيقي في نظري والذي يواجه وزارة التربية والتعليم وبالذات مع المتغيرات الجديدة وبالذات هو العثور على طرف الخيط الذي يقود لخلق وعي متعاظم في أوساط القيادات والمعلمين والطلاب داخل المدارس للتعامل المثالي مع المعطيات والإمكانات المدرسية والتي كلفت الميزانية مليارات الريالات! إنه تحدٍّ من نوع آخر بإحلال فكر خلاق ينظر إلى المقدرات والإمكانات وكأنها ملكية خاصة فيجتهد الطالب في المحافظة عليها بدءا من الكتاب الذي ينهل منه المعلومات، والمقعد الذي يجلس عليه وليس انتهاء بجدران المدرسة وأجهزتها ومرافقها.

المقاطع التي بثت لعشرات الطلاب وأمام بوابة مدرستهم يقطعون الكتب ويدوسونها بأقدامهم، ولعدد من الطلاب يهشمون زجاج المدرسة، ويكسرون المقاعد في اليوم الدراسي الأخير من العام الدراسي موجعة حد الألم، ومحزنة وباعثة على الإحباط، ومبددة للأمل بجيل يحترم بيوت العلم، ويضع الكتب بما فيها من آيات وأحاديث وأقوال ونظريات لعلماء ومفكرين فوق رأسه لا تحت قدميه. التعبير بالفرح بمقدم الإجازة والفكاك من المدرسة لا يكون بمثل هذه السلوكيات غير الحضارية، وإنما توديع برعاية إدارة المدرسة يلتف حوله المعلمون والطلاب وهم منغمسين بتعابير الفرح الراقية لا مظاهر الانتقام الفجة. هؤلاء الطلاب لم يجدوا من يقول لهم توقفوا فالمدير والمعلمون غادروا مبكرا وتركوا الدرعى ترعى.

قد تكون بيئة المدرسة طاردة، وكثير من إدارييها ومعلميها يتعاملون مع الطلاب بقسوة وصلف لكن تلك ليست مبررات لما حدث.

في نظري أن تطوير الفكر يأتي قبل كل شيء، وإعادة «المعلم المربي» وليس «المعلم الملقن» بات مطلبا عاجلا، وزرع حب المدرسة في نفوس الطلاب، وتكريس الانتماء وتحمل المسئولية بفرض النظام على الجميع هي الأساسيات التي يمكن أن تخلق مجتمعا مدرسيا متماسكا.

المال موجود نحتاج فقط للفكر الراقي المنتج لتعليم قوي وسلوكيات مثالية وبيئات مدرسية جاذبة.

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب