Friday 23/05/2014 Issue 15212 الجمعة 24 رجب 1435 العدد
23-05-2014

اعتداءٌ صارخ على الدرةِ الثمينة

في عام 2006 عرض التلفاز الياباني لقطة مصورة ومثيرة لطالب ياباني يقوم بتمزيق كتابه المدرسي أثناء خروجه من بوابة مدرسته ورغم أن هذا التصرف الذي صدر من ذلك الطالب كان تصرفاً وحيداً إلا أنه كان صادماً للمجتمع الياباني الذي تابع تلك اللقطة الغريبة والشاذة في نظره فصارت حديثاً متداولاً بين عامة الشعب الياباني وكانت سبباً في امتعاض البرلمان الياباني

الذي قام بعقد جلسة مساءلة واستجواب لوزير التربية والتعليم للوقوف على الأسباب التي دفعت بالطالب انتهاج سلوك مشين بحق درة ثمينة.. استثنائية هذا الموقف أجبرت الوزير تقديم اعتذار لعموم المجتمع الياباني.

غالبية أفراد المجتمع السعودي وعلى مختلف مستوياته الثقافية والتربوية والتعليمية.. ساءه ما رأى في الأسبوع الماضي من سلوك سيئ وغير حضاري وتصرف بشع قامت به مجموعة من طلبة إحدى المدارس تجاه كتبهم المدرسية وعلى مرأى جمعٍ من المارة سلوك أقل ما يُقال بأنه يمثل اعتداءً صارخاً على ثمرات الأوراق. ظاهرة الاستهانة بالكتب المدرسية وتمزيقها ظاهرة يندى لها الجبين.. هي ليست بالجديدة على مجتمعنا بل إنها متفشية بين طلاب المدارس منذ زمن وتحدث نهاية كل عام دراسي دون أدنى مبالاة أو اعتبار لما تحويه تلك الكتب من آيات قرآنية كريمة وأحاديث نبوية أو معارف أدبية وعلمية.. فما السبب في ذلك.. ومن المسئول عن ذلك؟ وبالتالي ما هي الحلول الممكنة للحد من هذه الظاهرة السلبية السيئة لا يمكن إنكار مدى الفرحة الغامرة التي يشعر بها أبناؤنا الطلاب بعد نهاية العام الدراسي.. لكن أي فرحة وأي سعادة تأتي وبدون حياء على حساب كتاب مدرسي انتهى الغرض من وجوده من وجهة نظر الطالب.. تشير كثير من الدراسات والبحوث إلى أن هذا السلوك يعود لأسباب متعددة منها على سبيل المثال كراهية الطالب لبعض المواد الدراسية أو كره لمعلم المادة بسبب تعنيف دائم منه للطالب.. بل هناك من يبرر أن تمزيقها يعود إلى أن الطالب يحصل على كتبه الدراسية مجاناً ولن يكون مُطَالباً بإعادتها في يوم من الأيام لذا فهو يعتقد بأن من حقه أن يتصرف بها كيفما شاء.. إلا أن غالبية الدراسات ترى أن هذا السلوك يعود أساساً إلى جملة عوامل متداخلة مع بعضها البعض مجتمعية ونفسية.. تربوية وتعليمية لذلك لا بد من التنويه بأن المسئولية مشتركة ما بين الأسرة والمدرسة والمجتمع.

كما أن للإعلام دوراً مسانداً قوياً ومؤثراً في عملية التوعية التربوية للتخلص من هذه الظاهرة المقيتة.

نعلم جميعاً بأن كلفة طباعة الكتب المدرسية باهظة والجهد المبذول لمراجعتها وتصحيح ما يلزم تصحيحه أمر ليس بالهين ووزارة التربية والتعليم تنفق الملايين من الريالات لطباعتها ويتم توزيعها على كافة المدارس في مختلف مناطق المملكة.. وفي النهاية يكون مصير هذه الملايين ممزقة ومتناثرة في الساحات وممرات الفصول الدراسية حتى الشوارع لم تسلم.. وأمام هذه الظاهرة المتفشية بين الطلاب ولكي نسلم من عدم تكرارها.

أرى أن تقوم وزارة التربية والتعليم الأخذ بما تراه مناسباً من هذه الطرق العلاجية لظاهرة تمزيق الكتب المدرسية عدم تسليم الطالب نتيجته النهائية إلا بعد ما يُسَلِّم الطالب جميع كتبه وبحالة جيدة.. فرض رسوم مالية على الكتب على أن تُعاد هذه الرسوم للطالب بعد أن يسلم كتبه لإدارة المدرسة كذلك يمكن تخصيص جوائز ومكافئات تشجيعية للطلبة الذين يحافظون ليس فقط على كل الكتب المسترجعة إنما لجميع الذين يحافظون بشكل عام على أثاث وممتلكات المدرسة.. كذلك أتمنى من وزارة التربية والتعليم تأمين حاويات مخصصة للكتب المسترجعة تباع لشركات الورق لإعادة تدويرها والاستفادة من عائد البيع في مجالات تربوية.. أتمنى من المسئولين في وزارة التربية والتعليم النظر بعمق وبكل جدية تجاه هذه الظاهرة المقيتة والسلوك غير الحضاري.

zakia-hj1@hotmail.com

Twitter @2zakia

مقالات أخرى للكاتب