Wednesday 28/05/2014 Issue 15217 الاربعاء 29 رجب 1435 العدد
28-05-2014

المحتكرون لقوت الناس

حين يتحدث الاقتصاديون عن كفاءة القطاع الخاص وتفوّقه على القطاع العام في إنتاج السلع والخدمات فإنهم «يفترضون» شيوع قدرٍ كاف من المنافسة في السوق. وكانوا في السابق يفترضون شيوع المنافسة التامة التي اتضح عدم إمكان تحققها إلا في التحليلات النظرية، فاكتفوا بعد ذلك بقبول قدر معقول من المنافسة.

لكن بعض العاملين في السوق لا يريدون لهذه المنافسة أن تسود، فيلجأون إلى الأساليب التي تعرقلها، مثل التواطؤ على تقليل الإنتاج أو التحكم بالأسعار أو الاحتكار أو غير ذلك من الأساليب التي يهدف ممارسوها إلى استغلال المستهلك أو من يقوم بشراء السلعة أو الخدمة.

وبكل أسف فإن الممارسات الاحتكارية ليست جديدة وليست مقصورة على بلدٍ أو مكان أو نشاط، وإنما هي قديمة وشائعة. وهناك من يعتقد أنه طالما وُجِد تجار ومنتجون ستكون هناك محاولات للاحتكار وتعطيل المنافسة! إنها شيء يشبه الغريزة، فيما يبدو! أهل الصنعة الواحدة يتآمرون على المستهلكين، ثم يتآمرون على بعضهم البعض. هكذا يرى بعض الدارسين لسلوك المنتجين!

من أجل ذلك جاءت القوانين التي تحمي المنافسة وتحارب الاحتكار. فحتى عندما نقول إن الدين يحارب الاحتكار ونترك الأمر للوازع الديني فإن هذا لا يكفي لأن المال قد يعمي العيون والقلوب. وقد وجدنا أن الدول التي تزعم أن اقتصادها يقوم على المنافسة لا تترك الأمر لقوى السوق، بل تسن القوانين التي تعزّز المنافسة وتحميها إيماناً منها أن قوى السوق وحدها لن تضمن المنافسة.

وقد وجد «مجلس المنافسة» عندنا هنا في المملكة أن بعض تجار الأرز يتعمدون مخالفة قواعد المنافسة من خلال محاولة التحكم بأسعار الأرز وفرض القيود على عمليات البيع وغير ذلك من الممارسات التي نقول إنها مشينة - وهي كذلك بالفعل - لكنها للأسف شائعة وربما تبدو طبيعية لمن يمارسها! وقد أصدرت لجنة الفصل في مجلس المنافسة غرامات تصل إلى ثمانين مليون ريال على المنشآت المتورطة في هذه الممارسات، ولا ندري فلربما أن ما خفي كان أعظم!!

لا بد أن نتذكر أن هؤلاء التجار يتآمرون على بقية المواطنين في لقمة عيشهم من أجل مراكمة الثروات، فالأرز هو مادة رئيسية في غذاء الناس وليست سلعة كمالية يمكن الاستغناء عنها. ولذلك يمكننا أن نتصور ما يفعله بعض من يبيعون الكماليات التي يشتريها أهل الدخل المرتفع والذين قد لا يبالون بما يدفعون لأنهم قادرون أو ربما لأن بعضهم من فصيلة المتآمرين على قوت الشعب!

نشد على يد مجلس المنافسة، ونطلب منه المزيد لأن أصغر مستهلك يلمس ما يعج به السوق من ممارسات غير تنافسية.

alhumaidak@gmail.com

ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب