Saturday 31/05/2014 Issue 15220 السبت 02 شعبان 1435 العدد
31-05-2014

«قفل ماله مفتاح»!

هل سبق لك أن واجهت شخصا مثل مايقول العوام لا يدخل ولا يطلع، بمعنى هل التقيت بأحد من تلك العينات التي لا تجدي معها كل وسائل الحوار والإقناع وأساليب التفاوض كي تتزحزح عن رأيها أو قراراتها، وبالذات في مجالات العمل، هل أجبرتك الظروف أن تتوجه لدائرة حكومية لتلتقي بمديرها الذي يحيلك إن كان يستحي منك أو يرجو منك مصلحة معينة أو يقدر من أرسلك إليه للمساعدة في إنجاز معاملتك لأحد موظفيه الأمناء المخلصين، فتجد نفسك وقد اصطدمت بصخرة لا تتزحزح عن مكانها قيد أنملة، وعقل كأنه قفل تم تصنيعه دون مفتاح؟

بعض المسؤولين يختار شخصا بمثل هذه المواصفات ليضعه في مواجهة الجمهور أو في فوهة المدفع وهو يدرك مسبقا أن قد اختار شخصا شديد المراس قوي الشكيمة لا يتزحزح ولا ينثني، وكأنه أي المدير المحترم قد نشركنانته ثم عجم عيدانها فوجد هذا الإنسان أمرها عودا وأصلبها مكسرا فيوجهه كي يقف شامخا كالطود في وجوه المراجعين ليس في قاموسه إلا كلمة «لا «، لا يسعى للإثبات وإنما النفي. يضع أمامه المدير التعليمات المشددة، ويبرم معه اتفاقا ضمنيا بسيناريو مسرحي ويتركه يجابه الجموع بعزيمة لا تلين وبأس شديد. هذا النوع والذي وجد هكذا بدون مفتاح لا يجابه الناس بالصراخ لأنه لو فعل ذلك لخارت قواه وأعلن استسلامه، لكنه وبدهاء يحسد عليه يبدو هادئا واثقا وبرباطة جأش يغبط عليها، ترتسم على شفتيه ابتسامة ماكرة. يدير الأحداث بصورة تجبر المراجع على مراجعة حساباته، ووضع أحلامه وطموحاته في قفص المستحيل، ثم مايلبث أن يجبره ليستدير متراجعا وقد قص ريشه فتتساقط بقايا ملونة من ريشات طاووسيه كانت تزين جسد ذلك المراجع المخدوع.

أذكر مسؤولا تربطني به صداقة آثر أن يسلم كما يقول من وجع الرأس فأوصى بالبحث عن موظف ليس له مفتاح، فعثر له على موظف بسيط يملك كل المواصفات المطلوبة فأوكل له مهام شؤون الموظفين وهي من الإدارات الحيوية حيث التعيينات والتكليفات خارج الدوام، والانتدابات والتنقلات التي تهم شريحة عريضة من الموظفين والمراجعين.اسم الموظف على ما أذكر خالد. كنت عندما أزور صديقي المدير لإنجاز أمر ما يخص بعض المقربين ثم يخبرني وبابتسامة لا تخلو من الخبث بأنه سيحيلني إلى الأستاذ خالد أعتذر له عن مهمتي ثم أؤكد له بكل حماسة أنني قد عدلت عن رأيي لأني ببساطة أعرف الحبيب خالد، وأن الإحالة إليه تعني إعلان وفاة الموضوع وتشييعه إلى مثواه الأخير، وقد أحتاج بعض الوقت لإقناع صديقي المدير بأن الموضوع لا يستحق وعليه أن ينساه ويعتبر لقائي به من باب الزيارة حفظا للود الذي بيننا وكل هذا هروبا من اللقاء غير المجدي بخالد.

خالد هذا وبشهادة حق ودود ومبتسم وهادئ لكنك تخرج منه كما دخلت عليه. كنت أشهد بحكم قربي حلقات من المسلسلات الكوميدية التي تعرض يوميا في مكتبه فأستغرق في نوبات من الضحك المكتوم لأني أعرف النتيجة النهائية رغم الجهد الخارق الذي يبذله المراجع دون أن تلين لخالد قناة.

أعتقد أن أمثال خالد كثير. يكونون مصدات قوية لصاحب القرار لكنهم في الغالب يعيقون مصالح الناس بتفسيرات بعيدة عن الواقع، فكم من صاحب حق أبلج حرموه باسم النظام؟!

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب