Tuesday 03/06/2014 Issue 15223 الثلاثاء 05 شعبان 1435 العدد
03-06-2014

مزَّقوا كتبهم.. وماذا في ذلك؟!

أظهر مشهد فيديو مجموعة تلاميذ مدرسة ابتدائية وهم يمزِّقون كتبهم أمام بوابة مدرستهم، وثار الرأي العام وشجب واستنكر، وحمّلوا وزارة التربية والتعليم مسؤولية هذا التصرّف، وكأنه غريب علينا! وخرج المتحدث الإعلامي بالوزارة عبر التلفزيون ليتوعَّد إدارة المدرسة بالتحقيق والعقاب!

والواقع أن أغلب الطلاب منذ عرفوا التعليم النظامي وهم يمزِّقون كتبهم إيذاناً بانتهاء العام الدراسي وبداية الإجازة، وقد مارستُ بنفسي هذا التصرّف حينما كنت في المرحلة الابتدائية؛ ولو لم أفعل لواجهتُ من زميلاتي موجة نقد قاسية!

والطريف آنذاك مرور بعض المعلمات أمامنا ومباركتهن فعلنا بابتسامة عريضة، وكنا نتراشق بالورق ونهلّل ابتهاجاً بنجاحنا، كما يتراشق الإسبان بالطماطم في مهرجانهم السنوي، ومن لم تنجح (حينما كان هناك ما يُسمى بالرسوب) تدس كتابها في حقيبتها خجلاً وحرجاً وتختفي عن الأنظار، بل إن الطلبة (الذكور) كانوا أكثر جرأة منا فيحرقون كتبهم حنقاً وغضباً وكأنهم يحرقون معلميهم القساة!

فما الذي تغيَّر الآن؟ فقط بدأ تصوير الحدث وبثه عبر القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي! والحق أن هؤلاء التلاميذ الأبرياء إنما يمارسون عادةً اجتماعيةً ورثوها من آبائهم فحسب! وأجزم أنهم لم يفعلوها انتقاماً! تماماً كمن يرمي النفايات من نافذة سيارته، فهو لم يعاقب أو حتى يوجه بالتوقف عن هذا السلوك الاجتماعي السيئ! وطيلة سنوات دراستي لم يوجهني أحد قط بعدم رمي النفايات في المدرسة أو الشارع، عدا والدتي -رحمها الله- حيث كانت بطبعها نظيفة وتكره هذا الفعل!

ولو أن وزارة التربية والتعليم قد فرضت تأميناً على كل كتاب ولو مبلغاً بسيطاً وسجلته في أضابيرها، وعند نهاية العام تستعيد الكتب وتعيد النقود للطلبة لفرضت احتراماً للكتاب وهيبة للتعليم، ولكنها تدرك حاجتها لحشدٍ من الموظفين لإنجاز هذه المهمة في ظل البطالة المقنعة في مدارسها وإداراتها، فتركت للطلبة حرية التخلص من الكتب! والنتيجة السنوية فوضى نشاهدها في مدارسنا وبيوتنا وشوارعنا!

وكنت آمل من المهتمين برصد السلبيات المدرسية تصوير براميل النفايات وما يلقى فيها من أطعمة، فهذه علب عصير مملوءة ومسكوبة تسبح حولها فطائر قد نهشها تلاميذ! وتلك حلويات ضارة قد سالت وذابت في البراميل، وصارت مرتعاً للحشرات!

ومن يعتقد أننا بحاجة إلى مبان مدرسية متكاملة وساحات واسعة لممارسة الرياضة ومعامل مجهزة وفصول دراسية حديثة؛ فإننا أيضاً بحاجة لتربية وتوجيه وإرشاد للطلبة وترسيخ مبادئ ومهارات اجتماعية تبعدهم عن الفوضى واللا مبالاة، وتقرّبهم من الإنسانية للتعامل فيما بينهم، وتثبت احترام المعلم، وتجذبهم للمواطنة والانتماء للمدرسة والوطن.

كانت هذه مطالبتي عبر المنشود قبل خمسة عشر عاماً وما زالت المطالب نفسها، ولكن بأسلوب آخر! وإن أمد الله بعمري أعدكم أن أكتب عن ذات الموضوع، وعندها قد لا نعجب من تمزيق الكتب، ولكن ربما نندهش من فتق الرؤوس!

rogaia143@hotmail.com

Twitter @rogaia_hwoiriny

مقالات أخرى للكاتب