Tuesday 03/06/2014 Issue 15223 الثلاثاء 05 شعبان 1435 العدد
03-06-2014

اليمن .. كارثة إنسانية بالانتظار!

اليمن .. نحو النصف من السكان يعانون من الجوع، ونصف أطفاله يعانون من المرض، والبقية يواجهون الفقر وصراعات دموية قاتلة، تلك حقيقة مفجعة للوضع في الجارة اليمن، حقيقة تنذر بكارثة إنسانيَّة قريبة ولا شكّ.

اليمن قدر الجغرافيا والتاريخ بالنسبة لنا في السعوديَّة والخليج. وندرك أنّه وبدون التدخل العظيم خلال فترة «الربيع الإخواني» الزائف، كان اليمن قد أصبح في فوضى خطرة وكبرى يصعب تخيلها وإيقافها، لكن اليمن الذي تجاوز الفوضى الكبيرة التي كادت أن تصيبه، يواجه اليوم كارثة أخطر، هي القنبلة الموقوتة الخطرة الجاهزة للانطلاق، والكارثة المنتظرة التي قد تنفجر في سماء الجزيرة العربيَّة ودول الخليج العربي، ليست كارثة اليمن المنتظرة اليوم في أمنه غير المستقر، أو المواجهات المسلحة بين التنظيمات المختلفة من جهة، والدولة المركزية من جهة أخرى وحسب، لكن الكارثة الإنسانيَّة الأقرب تترك اليوم السكان في مواجهة مكشوفة مع الجوع والمرض والوباء.

برنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة، أعلن أن نحو نصف الشعب اليمني يعاني من الجوع، وإلى أن أكثر من عشرة ملايين من سكان اليمن، البالغ عددهم نحو 25 مليونًا، يعانون إما من نقص شديد في الأمن الغذائي، أو يقتربون من الاحتياج إلى تلك المساعدات.

المتحدثة باسم البرنامج، إليزابيث بايرز قالت: إن اليمن يعاني من واحد من أعلى مستويات سوء التغذية في العالم بين الأطفال، حيث يعاني نحو نصف عدد الأطفال ممن تقل أعمارهم عن خمس سنوات، أيّ نحو المليونين!، من نقص النمو. وقالت: «إن مليونًا من هؤلاء الأطفال يعانون من سوء تغذية شديد وحاد».

وفي الوقت ذاته يعاني من ارتفاع أسعار الأغذية عالميًا، نظرًا لأنَّه يستورد ما يصل إلى 90 في المئة من احتياجاته من الأغذية الأساسيَّة، مثل القمح والسكر، كما أن أكثر من نصف عدد السكان لا يحصل على المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي.

والمعروف أن اليمن يُعدُّ من أفقر دول العالم، ويعيش فترة انتقال سياسي صعبة، كما يعاني من انتشار الفقر، ونزوح أعداد كبيرة من اليمنيين، إضافة إلى النزاعات المدنية وانعدام الأمن.

وحذّرت منسقة الإغاثة الإنسانيَّة في الأمم المتحدة، فاليري آموس من أن الوضع الإنساني في هذا البلد الفقير حرج، وقالت فاليري آموس: إن «اليمن بلد عانى من الفقر المزمن وتأخر التنمية وملايين اليمنيين يكافحون من أجل التعايش مع أوضاعهم المعيشية الصعبة، فالناس بحاجة إلى الغذاء والماء والتَّعليم والرِّعاية الصحية».

وتتوزع المخاطر الإنسانيَّة حيث مناطق في محافظة أبين الجنوبيَّة -مثلاً- تواجه مشكلة الألغام في الأراضي الزراعيَّة، فيما لا يزال 300 ألف يمني نازحين من منازلهم في شمال البلاد. في الوقت الذي تستمر فيه مواجهات عسكرية وأعمال إرهابية متفاوتة في أرجاء البلاد.

اليمن الذي يفترض أن يكون سعيدًا.. هو اليوم في حالة بؤس بعيدة تمامًا عن الوصف، ويحتاج حقيقة إلى برنامج إنقاذ خليجي عاجل، فالجار اليمن ليس طارئًا، أو مؤقتًا بالنسبة لنا، هو دائمًا قدر الجغرافيا والتاريخ، قدر لا بد أن نتعايش معه ونسير جنبًا إلى جنب إلى تسريع مشروعات تأهيله الخليجي ليكون إضافة لا عائق خطر وحتى لا يكون بؤرة ضد مصالح أمن المنطقة إجمالاً.

ومشروع كبير مثل هذا لإنقاذ اليمن يتطلب ورشة عمل خليجية مستمرة، ومؤتمرات تتجاوز آليات المنح التقليدية، إلى الإسهام الفعَّال في المساعدات التي يمكن أن تتحوّل إلى مشروعات تنموية دائمة ومستمرة.. وذلك لمواجهة الكارثة الإنسانيَّة هناك قبل أن تنفجر.. ويتضرر منها الجميع.

@AlsaramiNasser

مقالات أخرى للكاتب