Sunday 18/05/2014 Issue 15207 الأحد 19 رجب 1435 العدد
18-05-2014

الاتجاهات السعودية الأهم مع عبد الله بن عبد العزيز..!

صحفي سعودي كبير كما يبدو، انتقدني حين كتبت يوماً أن أبرز إنجازات الدولة السعودية الراهنة الوقوف في وجه المد الإخواني، وذلك بالوقوف مع الشعب المصري في انتفاضته المشهودة ضد حكم الإخوان البائد، الذي كان يقود البلاد والعالم العربي إلى كل ما هو ضد الأمن القومي العربي، وضد الاستقرار وضد وحدة مصر نفسها.

اليوم نعلم علم اليقين أنه لو استمر «الربيع الإخواني» السيئ الذكر كما خُطط له، لأصبحت مصر والخليج قصة صعبة وربما حكاية مؤلمة.

وحين سجل عبد الله بن عبد العزيز موقفاً تاريخياً استثنائياً بالوقوف مع مصر نحو اختيارها الحر لإسقاط الحكم الإخواني التآمري على مصر والمنطقة والأمن العربي، فهو في ذات الوقت قد أعاد الأمور إلى نصابها وحَمى الوطن من أطماع حركيي وأحزاب الداخل من تيارات الإسلام السياسي، بل وحَمى البلاد من فتنة كانت تطبخ تحت أقدامنا.

تلك التحولات السعودية الكبرى لن تتوقف، إنها جزء من تاريخ الواقع لبلد اختبارات المستقبل، والاستقلال بشكل محنك عن الماضي وتشوهاته.

أكتب ولا أدّعي الفهم الكامل، لكن كل المؤشرات تُؤكد أن السعودية بقيادة الملك التاريخي عبد الله بن عبد العزيز تتجاوز الكثير من ضعف الماضي، أو أخطائه، بل وتعالجها وسط حسابات شديدة التعقيد ابتداءً بالجهاد المقدس المزعوم ونتائجه الخائبة في التجربة الأفغانية وما بعدها وكرامتها الكاذبة، ثم تلك «الصحوة» - الغفلة الخائنة للدين والوطن، والتي كتمت على العقول والأبصار وأخرجت الوطن والانتماء له من كل خطاب، مقدمة لصناعة تآمر الجماعة والخليفة الحلم على البلاد.. ثم الحرب على قاعدة الإرهاب وخلاياها وفكرها الدموي.

نحن اليوم نقف على أعتاب حسم تشويهات الماضي، الأمل أن تستمر بزخم أكبر من أجل مستقبل وطن وأجيال، وخيارنا الوحيد.. المستقبل..؟

هناك دول موجودة على الخارطة اليوم، لكنها حقيقة لا وجود لها ككيان سياسي أو يمكن التحكم بها، تلك كانت مخاطر التاريخ المعاصر الذي تجاوزته السعودية، ليبيا، سوريا، اليمن، الصومال، ثم بدرجة مختلفة دول تصارع مصر وتونس.

أدركت السعودية اليوم أنها يجب ألا تكون رهناً للماضي الكئيب بكل تطرفه، أو الماضي القريب جداً جداً بكل أطماعه وحنينه للخلافة التي تهدف لتجاوز الجغرافيا وإلغاء الدولة الوطنية ليس إلا.

المرحلة القاطعة المصيرية مرحلة العبور لدولة المؤسسات، أو سمها ما شئت الأهم، الأهم أن تكون فيها مؤسسات الدولة هي الميزان والحسم والكلمة العليا ثم لا مجال أبداً أبداً لتنازع في القوة، ولا مجال لتكرار أخطاء الماضي، لأن ذلك لم يعد مساحة للمناورة، بل مخاطرة النهايات.

حتى المجاملات الأيدولوجية التاريخية تبدأ الآن في إعادة تفسيرها للعودة للأشمل، تاركين ما لحقها أو ما قد تعلقنا به من تفرُّد بما فيها بعض الأفكار الضيقة إلى السعي نحو فضاءات عالم أوسع دينياً وفكرياً وإنسانياً.

ثم العمل اليومي الدائم، لمواجهة الفساد بشكل أكبر والأمل في عملية أقدر، في مقابل وتيرة تنمية مستمرة بكل المشاريع المليارية الكبرى، وأن يكون برنامج تطوير التعليم - كما الابتعاث - جهداً متصلاً ودائماً.. وزيادة دورية لفرص العمل وبرامج الإسكان.. كل ذلك يبني اليوم الدولة السعودية الجديدة، بارادة الملك عبد الله بن عبد العزيز لتمضي للأمام.. نحو خيار وحيد، دائماً هو المستقبل!.

@AlsaramiNasser

مقالات أخرى للكاتب