Friday 06/06/2014 Issue 15226 الجمعة 08 شعبان 1435 العدد
06-06-2014

رجال صدقوا: الإمام محمد بن سعود 000 -1179هـ (2/2)

إنه الإمام محمد بن سعود المؤسس الأول للدولة السعودية، ورغم أن الحديث عنه وعن أئمة الدولة في أساسها، ورغم أن الحديث عنه، وعن أئمة الدولة السعودية قد كثر، فإن ما نذكره هنا قد يكون من تكرار القول، إلاّ أنّ الحلقة لا بدّ أن تتصل بموضوع القيادات.

فالإمام محمد يُعتبر هو المؤسس للدولة بعد نقلها من إمارة صغيرة فإنها دخلت التاريخ من عام 1157هـ، بعد التقاء الإمام محمد بن سعود مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمهما الله -، في لقاء سجله التاريخ لنصرة دعوة الشيخ، حيث تحوّلت الدرعية التي ما هي إلا إمارة صغيرة كالإمارات في المنطقة، فتبايع الإمام محمد بن عبد الوهاب في هذا التاريخ مع الإمام محمد بن سعود الذي تولى إمارة الدرعية، وهي إمارة صغيرة كان أميرها والده الأمير سعود بن مقرن عام 1137هـ.

ويُعتبر الأمير سعود هذا هو عميد هذه الأسرة بعدما مات والده وتوارث آباؤهم وأبناؤهم الإمارة منذ انتقال الأسرة إلى الدرعية في عام 850هـ، واستوطنت وادي حنيفة ويُعتبر الإمام محمد بن سعود هو أول من تقلّد لقب الإمام من آل سعود، وأول من حوّل الإمارة الصغيرة إلى دولة متسعة الأرجاء فقد كان رجلاً شجاعاً ومقداماً، ورغم أن حروب الدرعية لم تشتعل إلا ومحمد هذا قد خطت قدماه نحو الكبر - فيما يبدو - وليس الكبر في السن كطموح الشباب وجلدهم، إلا أن الإمام محمد يُعتبر من نوادر الرجال، بما تحلىّ به من خصال، لقوة أعصابه، وإقدامه في المهمات، وخصال يتحلىّ بها من مواقف ظهرت في سيرته وبروزه كقائد حنّكته المواقف الحاسمة، فمحمد هذا من أول حياته التي سجلها التاريخ بالمهابة والقوة والشجاعة والرأي السديد.

فرغم أن أخاه ثنيان بن سعود هو الأكبر سناً، إلا أن محمداً كان هو صاحب الرأي الأول، إذ تولّى إمارة الدرعية بعد أبيه، مع المشاركة بأخيه ثنيان له في الرأي، وعندما قدم الإمام محمد بن عبد الوهاب الدرعية، ما زال أخواه ثنيان ومشاري، يُشيران عليه بمساعدة الإمام ونصرته حتى قذف الله في قلبه محبة الشيخ ومحبة ما دعا إليه، ثم سار إليه وجرت الاتفاقية لما ذكر ابن بشر في (عنوان المجد في تاريخ نجد: المجلد الأول ص 24).

ثم سار إليه وجرت الاتفاقية، ومن هنا نستطيع تقسيم مواقف الإمام محمد بن سعود القيادية إلى أربع مراحل:

- قدراته العسكرية، ونظرته الإدارية، وتحمُّله في الشدائد، ثم الأسلوب في بناء الروح:

1 - ففي القدرة العسكرية: نرى الروح القيادية الدينية التي ارتبط بها وجدانياً، قد حرّكت هذه في مثل هذه المواقف:

- فقد كانت أول حركة حربية بدأت من الدرعية، لنشر دعوة الإصلاح العقائدية الجديدة بقيادة الإمام محمد بن سعود نفسه، نتيجة غيرة دينية، بعدما بلغه أن دهام بن دواس نذرَ ذبح جزور لتاج وشمسان، وهما من القبور، لأن دهام فشل في محاربة أهل منفوحة الذين دخلوا في الإسلام ووحدوا الله.

وجرأة الإمام محمد بن سعود: جاءت في هذه الغزوة جاءت في طريقة التخطيط لهذا الهجوم الذي درسه ودرس ما يحيط به:

فقد هجم ليلاً على الرياض ثم اتجه بمن معه إلى باب القلعة التي يحتمي بها دهام في داخلها بقصره، فشذبوا الباب بالمنشار ودخلوا بيتين بالقلعة وعقروا إبلاً كثيرة، ورموا دهاماً بالرصاص وهو في عليّته، ثم عاد الإمام محمد ومن معه سالمين (كما ذكره ابن غنام ص 91، وابن بشر ص 30-32).

- كما كثرت المجابهة القتالية في حدود 1159هـ بين الدرعية بقيادة الإمام محمد بن سعود والرياض بتوجيه من دهام بن دواس الذي ناوأ الدعوة، ووقف منها موقف العداء:

- كوقعة الشياب، ووقعة العبيد: كلها تكون الهزيمة على دهام بن دواس، وغيرها من الوقعات التي يستعمل فيها الإمام محمد بن سعود، ومن الوقعات الكثيرة التي ينتصر فيها الإمام.

يقول ابن بشر في تاريخه: عن الإمام محمد بن سعود: كان الإمام سليل إمارة في حدود منطقته فقد تولى إمارة الدرعية بعد وفاة والده الأمير سعود بن مقرن عام 1137هـ، وتوارث آباؤه وأجداده الإمارة منذ انتقلت الأسرة إلى الدرعية في عام 850هـ، واستوطنت وادي حنيفة.

- وهو أول من حوّل الإمارة الصغيرة إلى دولة متسعة الأرجاء فقد كان شجاعاً ومقداماً.

- إلا أن الإمام محمد رجل يتصف بصفات عديدة وكان مُوفقاً وذا مهابة.

- ولما قدم الشيخ محمد بن عبد الوهاب الدرعية، ورغم أن أخويه ثنيان ومشاري، فما زال أخواه وهما أكبر سناً إلا أن الإمام محمد كان هو صاحب الرأي السديد، فما زال الأخوان يشيران عليه بمساعدة الإمام ونصرة دعوته لأنه صاحب الرأي والمشورة.

وكان من حبه للمشورة كما ذكر ابن بشر بأن دهام بن دواس أنه في عام 1176هـ عندما هاجم الدرعية، استشار رؤساء المسلمين في الطريق الذي يخرجون إليهم منه، وعند تداول الآراء أخذ برأي ابنه عبد العزيز، فكان النصر حليفهم (عنوان المجد لابن بشر ص 55).

- ومن صفاته: أنه يتواضع، لأنه في المعضلات والحرب لا يقدم إلا بمشورة من حوله، بعد عرض الأمر لديهم في الطريق الذي يسلكه، فقد يتواضع ويأخذ بالرأي السديد من أي شخص، حيث يتنازل عن القيادة لمن دخل في الدعوة مجداً لترغيبهم في الدعوة، كما حكى ابن بشر ونموذج ذلك: عندما عاهدوا الشيخ محمد بن عبد الوهاب: فرغبا عثمان بن معمر فجعلا ابن معمر أميراً على الجيوش: فتارة يتبعه محمد بن سعود بأهل الدرعية، وتارة ابنه عبد العزيز بن محمد الذي تولى قيادة أهل الدرعية، وهذا من التواضع.

وقد قال ابن بشر إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والإمام محمد بن سعود جعلا ابن معمر أمير العيينة، رئيساً للغزوات والسرايا، تأليفاً له عندما استجاب للدعوة، فصار الإمام محمد بن سعود منقاداً للأمير عثمان بن معمر ولا يخالفه.

- ولما آنس من ابنه عبد العزيز نمّى فيه حب الجهاد للدعوة وأسند إليه القيادة ثم عهد إليه بعهد الولاية من بعده، وقبل وفاته لأنه أنِس منه القدرة على تصريف الأمور.

وهذه فراسة طيبة أن يتوسمها الأب في ابنه حتى يستطيع أن يطمئن على سير الأمور من بعده.

- وكان يُنمّي في أولاده حبّ القتال والجهاد في سبيل الله ولم يفت في عضده وفاة أولاده في الجهاد كما حصل لابنيه فيصل وسعود اللذين قُتلا في أول مسيرة الدعوة: وقُتلا في حدود عام 1159هـ، في بداية حروب الدرعية (ينظر عنوان المجد في تاريخ نجد ص 32).

mshuwaier@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب