Monday 09/06/2014 Issue 15229 الأثنين 11 شعبان 1435 العدد

سبب تفوّق ألمانيا على الولايات المتحدة في مجال الابتكار

بقلم - دان برزنيتز:

قد تخال، إن قرأت عناوين الصحف، أنّ الولايات المتحدة والصين هما أبرز منافستين في مجال الابتكار، لكنّ الفائزة الحقيقيّة هي ألمانيا من دون منازع، إذ تُظهِر تفوّقها على صعيد الابتكار في شتّى المجالات، بدءاً بأنظمة الطاقة المستدامة، ومروراً بالتكنولوجيا الحيوية الجزيئية، وهندسة البرمجيات التجريبية. وتأكيداً على ذلك، وفي سياق جهود تهدف إلى استنباط الدروس من ألمانيا في مجال الابتكار الفعّال، شجّعت الولايات الأميركية جمعية «فراونهوفر»، منظمة بحوث ألمانية تختص بالعلوم التطبيقية، على افتتاح معاهد لا يقل عددها عن سبعة في البلاد.

وتتفوّق ألمانيا على سواها، بكلّ بساطة، في مجال تكييف الابتكارات مع قطاع الصناعة وتوزيعها في أرجاء قطاع الأعمال، علماً بأنّ الابتكار الألمانيّ بمعظمه يقوم على تزويد منتجات قديمة بقدرات جديدة، أو على الجمع بين عناصر مأخوذة من قطاعات قديمة وراكدة، وبين أخرى مأخوذة من قطاعات جديدة ونابضة بالحياة.

ويمكن القول، في هذا السياق، إنّ أسلوب الابتكار الذي تعتمده ألمانيا يفسّر براعة البلاد في مجال التصنيع، مع الإشارة إلى أنّ المنتجات الصينية التي يشتريها الأميركيون يومياً، إن لم نقل كلها، تُنتَج باستعمال آلات ألمانية، وإلى أنّ الشركات التي تصنّعها تشهد ازدهاراً. ويشرح ذلك أيضاً سبب عدم تجزئة القاعدة الصناعية في ألمانيا، كما حصل في الولايات المتّحدة. ومن المعلوم أنّ ألمانيا متفوّقة في مجال الإبقاء على نمو الوظائف والإنتاجية، مع مواصلتها زيادة الدخل الفعلي للمواطنين. وحتى مع رواتب ومنافع تزيد بنسبة 66 في المئة عن تلك المسجلة في الولايات المتحدة، وظّفت شركات التصنيع في ألمانيا 22 في المئة من القوى العاملة، وساهمت بنسبة 21 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد في العام 2010.

ويمكن الكلام عن ثلاثة عوامل مؤثرة في هذا السياق:

- تفهم ألمانيا ضرورة تحقيق مكاسب واسعة الانتشار في مجال الإنتاجية بفضل الابتكار، بدلاً من أن تتركّز في قطاع التقنية العالية. وبالنتيجة، لا تكتفي ألمانيا بالسعي لاستحداث صناعات، بل تعمل أيضاً على تزويد صناعاتها الحالية بأفكار وتقنيات جديدة.

- تتمتع ألمانيا بشبكة من المؤسسات العامة التي تساعد الشركات على الابتكار. ويشار إلى أن معاهد «فراونهوفر»، المدعومة جزئياً من الحكومة، تنقل إلى السوق أفكاراً جذرية بطرق محدثة، ما يساعد على سدّ الفراغ القائم بين البحوث، وبين المساعي الدؤوبة التي تُقدم عليها يومياً الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.

- تتلقى القوى العاملة في ألمانيا تدريبات مستمرة، ما يخوّلها استخدام الابتكارات الجذرية، بالقسم الأكبر منها، لاستحداث منتجات وخدمات يبدي العملاء رغبة في شرائها بأسعار أعلى.

لا شكّ في أنّ النمو الاقتصادي ليس وليد لحظة الابتكار. ووحدها سياسات الابتكار التي تغطّي دورة الابتكار برمّتها ستسمح بتحقيق نمو اقتصادي يعزز رفاهة جميع المواطنين. وما لا شكّ فيه هو أنّه ما من أمر تستطيع ألمانيا فعله ويعجز عنه أميركي مدرّب بالشكل الصحيح وحاصل على التحفيزات الضرورية.

- (دان بريزنيتز يتولى منصب رئيس «مونك» لدراسات الابتكار، وهو مدير مشارك لمختبر سياسة الابتكار في كلية «مونك» للشؤون الدولية في جامعة تورنتو. وقد شارك في تحرير كتاب بعنوان: «العولمة الثالثة: هل تبقي الدول الثرية على ثروتها في القرن الحادي والعشرين؟»).

موضوعات أخرى