Saturday 14/06/2014 Issue 15234 السبت 16 شعبان 1435 العدد
14-06-2014

نم يا حبيبي ساعة!

يقول الخبر المضحك والمبكي في الوقت ذاته إن شرطة نيويورك غرَّمت طالباً سعودياً خمسين دولاراً عداً ونقداً، بعد ضبطه مستلقياً ويغط في نومه على مقاعد القطار الذي كان يستقله، بعد زيارته لأحد أصدقائه، وهو في طريق عودته إلى منزله!

والسؤال الذي قد يطرأ على بال أحدنا، أو الأسئلة التي يجب طرحها فيما يخص النوم، وعلى اعتباره مخالفة تستحق الإيقاف والغرامة والعقوبة: ما العقوبة التي يستحقها من ينام في قاعة اجتماعات رسمية، أو وهو في منصة الحديث، بينما الآخرون ينتظرون كلماته ووعوده العظيمة؟ وما العقوبة التي يمكن أن ينالها من يغفو بعمق، بينما المواطن وضع ثقته فيه؛ كي يصوّت لقرار يخدمه في أحد شؤونه الحياتية؟

وعلى مستويات أخرى، ما عقوبة مسؤول حكومي، ينام على معاملة مواطن لأشهر، قد تصل إلى سنوات، فيحرمه من حقه الطبيعي والمشروع؟

وماذا عمن ينام أثناء عمله، فيفشل في إنقاذ مريض يعاني من حالة طارئة، أو في إنقاذ منزل أو مواطن من خطر محدق؟

وما عقوبة أستاذ جامعي أو معلم، ينام طوال الفصل الدراسي، ولا يستيقظ إلا في نهاية الفصل، فيربك طلابه بمقرر لم يقم بتدريسه نتيجة إهماله وغيابه المتكرر!

ما عقوبة من ينام طويلاً، ثم يصحو فجأة، ويتخذ بضعة قرارات قد تدمر مستقبل عدد من المواطنين، رسموا مستقبلهم بناء على الواقع، وعلى معطياته، دون أن يدركوا أن ثمة من هو نائم، وقد يصحو فجأة ليعبث بأحلامهم وطموحاتهم؟

ما عقوبة من ينام على مشروعات الدولة، ويهمل في إنجازها، المرة تلو الأخرى، فيخسر المواطن مشروعاً يهم صحته، أو تعليمه، لسنوات طويلة، قد يفقد خلالها حياته!

ما عقوبة من ينام عن إنجاز عمله قصداً، ولا ينجزه إلا بتناول (موقّظ) وهو على عكس المنوِّم، وفي لغة أخرى، عمولة ورقية ذات أصفار طويلة!

ما عقوبة من ينام عن واجباته تجاه نفسه؟ وواجباته تجاه عمله؟ وتجاه وطنه؟ وتجاه الآخرين؟ ما عقوبة من ينام في اللحظة التي يجب أن يكون فيها متيقظاً؟

وهل كل هؤلاء الذين بسبب نومهم يخسر الآلاف ممن يحيط بهم، ويتأذى مثلهم، يشكِّلون شيئاً أمام غفوة طالب عابر في قطار بمدينة ضخمة كنيويورك، وقد أنهكه التعب، ليأخذ قسطاً من الراحة رغماً عنه؟

لنردد مع محمود درويش حينما قال:

نم يا حبيبي ساعة حتى نموت

هي ساعة للانهيار

هي ساعة لوضوحنا

هي ساعة لغموض ميلاد النهار

مقالات أخرى للكاتب