Monday 16/06/2014 Issue 15236 الأثنين 18 شعبان 1435 العدد
16-06-2014

عدو في ثياب صديق..!!

بالقدر الذي أعلم فيه علم اليقين أن الكمال ليس من صفات البشر، مهما بلغ نبلهم ومثاليتهم ورقي تعاطيهم مع الآخر، فإنني أعجب ممّن تبلغ ردة فعلهم درجة أقرب للتشنج في انفعالهم وسخطهم إذا اكتشفوا ممارسة تلوّن أحد معارفهم أو أقاربهم في موقفٍ ما، وكأنهم قد التقوا به لأول وهلة في مدينة أفلاطون الفاضلة، وليس في دنيا لها من اسمها نصيب، والعاقل يدرك بوازعه الديني ونضج تجربته وفطنته جوانب شخصيات من يتعامل معهم، وإن افترض فيهم حسن الخلق الذي وثّقته مصادر التشريع الإسلامي، وأمرت بأن يكون خلقنا شبيهاً بخلق المصطفى صلى الله عليه وسلم، الذي يقول الله تعالى عنه في كتابه الكريم: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، كما ورد عن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أنه قال: «لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً، وكان يقول: (إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً) متفق عليه. «فاحشاً ولا متفحشاً، أي ليس ذا فُحش في كلامه وأفعاله، ولا بذيئا سيئا يتكلف فعل القبيح».

وقد استشعر قدماء الشعراء وتحديداً -أبرزهم من منظور نقدي- ندرة المتميزين بالحلم (وهو سيّد الأخلاق)، وتحديداً في تجاوز أخطاء الآخرين والترفع عنها، يقول الشاعر أبو تمام:

مَنْ لِي بإنْسانٍ إِذَا أغْضَبْتَه

وَجَهلتُ كانَ الحلْمُ رَدَّ جَوابِه

وبعيداً عن اختلاق الأعذار للآخرين -ربما أن من أخطأ لا يزال في طور التكوين أو أنه مخترق والفطنة تتطلّب التأني لمعرفة من يضعه في الصورة -كأداة للإساءة- .. إلخ هذه الافتراضات التي لا بد أن يصدق واقع إحداها، ثم إن الناس (ما تشره وتعتب إلاّ على الشخص الكفو)، بل إن البعض سيرصد ردّة فعل العاقل على نقيضه سواء بحسن نيّة أو لا، وإن كان الاحتمال الأخير الأقرب لواقع ما يتأمل حدوثه المتربِّص والمبغض والحاقد -هدانا الله وإياهم- ولسان حالهم المثل القائل (لن يصغي إليك أحد حتى تقول شيئاً خاطئاً

Nobody listens until you say something worong).

وقفة: من أوراقي القديمة

الرابح اللِّي بس غاية علومه

مزيونةٍ يزعل ويرضى عليها

ما ضدّته دنياه وأخفى علومه

عن شامتٍ سعادته.. تحتريها!

ولا أيقظته هجوس من عزّ نومه

وتعوّذ من إبليس من شيء فيها

الوقت لو رازه قويّه عزومه

نظرته تسبر خطوته وش يليها

ياما صديق! أخفت عدوٍ هدومه

منه الحريم أكثر شجاعه يديها..!

ومن يكره إخساس الملأ من يلومه؟!

إن عاف كل دروبهم ما يجيها

abdulaziz-s-almoteb@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب