Wednesday 18/06/2014 Issue 15238 الاربعاء 20 شعبان 1435 العدد
18-06-2014

الإخفاق الإداري

عدا (غازي القصيبي) رحمه الله، قليل من الناس من يبوح بإخفاقه الإداري في بعض مراحل حياته، أو تجاه قضية من القضايا، أو شأن من الشؤون. والإخفاق الإداري في بعض الأجهزة واقع ملموس لا يمكن تجاهله، ومن السهل قياسه في العصر الحاضر، وبخاصة في ظل ثورة التقنية وتطور المعرفة، وسهولة التواصل الاجتماعي.

* دائما يعزى الإخفاق الإداري لأحد سببين، إما لتنظيم المؤسسة وهيكلها الإداري، وإما إلى قيادة المنشأة، أو المؤسسة، وحينما يكون الإخفاق في مؤسسات القطاع الخاص يسهل تقويمه ومعالجته، سواء كان ذلك بسبب الهياكل الإدارية، أو لسبب يتصل بالإدارة ذاتها.أما ما يطول أمد إصلاحه وتقويمه فهو الجهاز الحكومي. والملاحظ أن أكثر من ينتقد، أو يكتب بحدة في هذا المجال هم من الفئات التي لم يكتب لها ممارسة عميقة وفعلية لمهام الإدارة كقيادة، وهؤلاء ينطلقون من مثاليات ونظريات سلوكية في علم الإدارة تصلح للتدريس في أروقة الجامعات، لكن من الصعوبة تطبيقها على أرض الواقع، أما من مارس القيادة، وتقلب في أكثر من جهاز، سنجد أنه حتى في نقده وأمثلته وتشخيصه أقرب للواقعية، فإدارة البشر ينبغي ألا يغيب أن للعامل النفسي، والقدرة على كشف توجهات أعضاء الفريق أثر في الإسهام، إما في النجاح، أو الإخفاق.

* يصعب الإصلاح والتقويم متى كان الخلل والإخفاق نابعا من سوء هيكلتها الإدارية، وليس من السهولة على قائد المنشأة، أو رئيسها التغيير في ركن من أركان هذا الهيكل، وبخاصة إذا بنيت عليها المهام، ربما يلجأ رئيس المنظمة للتهميش لأي مسؤول تحت قيادته، لكن تبقى تلك حيلة العاجز عن معالجة المشكلة، أو التطوير الإداري لها، ناهيك عن ممارسات سلبية قد تتخذ من ذلك المسؤول حينما يشعر بالفراغ، أو سحب البساط من تحته، وبخاصة إذا لم يكن لديه قيم ومبادئ تحكم أقواله وأفعاله، وتقدم المصلحة العامة على الخاصة، إذ ربما يفسر ذلك التهميش، أو سحب الصلاحية عن ذلك المسؤول بأنه وليد موقف، أو شيء في النفس على حد تعبير العوام، مع أن قائد المنشأة قد يعمد إلى التخطي في الممارسات الإدارية، تسهيلا للإجراءات، أو الرغبة في سرعة الإنجاز، أو غير ذلك مما يصب في مصلحة العمل للمؤسسة، وتبقى مفاهيم الآخرين وتفسيراتهم للمواقف مختلفة، ويبقى سوء الظن في كثير من الأحيان مقدم على حسن النوايا والحرص على المصلحة العامة.

* الأصعب في هذا السياق كله، وفي تاريخ ومسيرة المنشأة حينما تكون المشكلة ليس في الهياكل، بل في القائد ذاته. هنا المشكلة، وهنا المعضلة التي ليس من اليسير حلها، لأن الآثار والنتائج والمخرجات للمؤسسة تبدو للجمهور بشكل سريع ومكشوف، وليس في كل الأحوال أن يكون (لكل مجتهد نصيب).

* بعض المؤسسات العريقة والقديمة ذات الهياكل الإدارية الثابتة نجد أن تقييم أدائها في عقود من الزمن، يُربط نجاحها، أو إخفاقها في نظر المقيمين بقائد المنشأة، أو رئيس المنظمة، ويطلق على تلك الفترة بالعصر الذهبي لها في حال حقق القائد تطلعات المستفيدين من الخدمة، أو استثمر الفريق العامل معه كأحسن ما يكون الاستثمار. والتاريخ لا يحابي كما يقال، والناس شهداء الله في أرضه.

* لسوء حظ بعض القيادات أنها لا تجني ثمرة جهدها مهما كان لأسباب عديدة، فقد لا تخدمك الظروف السياسية في فترة من الفترات، لأي بلد، وأحيانا البيئة الاجتماعية التي تمارس العامل فيها ربما تناصبك العداء، وتسعى لإسقاطك من حيث لا تشعر، وقد تمر الدول في بعض فترات تاريخها بركود اقتصادي، أو أزمة مالية خانقة، أو سوء إدارة للموارد والثروات، وبالتالي لا يتحقق هدف المسؤول، أو رغبة الجمهور. وليس من السهول تكييف الجمهور، أو إقناعه بتبدل الظروف وتغيرها.

dr_alawees.m@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب