Wednesday 18/06/2014 Issue 15238 الاربعاء 20 شعبان 1435 العدد
18-06-2014

الدواء علاج للداء .. والعقاب جزاء للمذنب

فمن بيده وصف الدواء؟ ومن يمكنه مجازاة المذنب؟

بمعنى هل المسألة عشوائية، فوضوية بحيث يصف من شاء الدواء لمن أراد!! ويعاقب كل شخص أي مذنب يقابله أو يجد منه ذنباً؟!

لو كان الأمر كذلك لأصبحنا أقرب إلى قطيع الحيوانات المستأنسة أو المفترسة أو المتوحشة في الغابة.. ولن نكون بحاجة إلى معاهد صحية أو جامعات طبية أو مراكز علاجية تُدار بأيدي أطباء وممرضين أو طاقم طبي متكامل، كذلك لن نكون بحاجة إلى محاكم وقضاة وكلية قانون..!

***

كل حسب المهنة الموكلة إليه، حيث لا يمكن تجاوز مهنتك إلى مهنة غيرك، أو تجاوز دورك الاجتماعي، أو الوظيفي الطبي، أو التعليمي، أو الدبلوماسي أو، أو.. إلى دور شخص آخر.

إذاً، أي حق منحه ذلك الشاب لنفسه حينما أقدم على قتل شقيقتيه ما أن استلمهما والدهما بعد أن حُوسبتا الحساب الذي تستحقانه من الجهة المخوّلة، بناء على الذنب المرتكب منهن!!

الخطأ الذي ارتكبنه ناتج عن خللٍ سلوكي لديهن، أو ربما هو كذلك.. الحق العام أُخِذ منهن، ولا حق خاص لأحد إذاً ما حاجة الأخ إلى قتلهن بسلاحه!؟

قضية العار والفضيحة لم نتجاوزها بعد، فمتى يمكن تجاوزها والدين الإسلامي واضح، ودقيق في مسألة الذنب، والمعصية، والعقاب، أو الجزاء، والتوبة.

مرتكب المعصية يُعاقَب وفق القانون الشرعي، ووفق الحكم الصادر من القاضي.. وما أن ينال الجزاء سجناً أو قصاصاً وتنتهي مدة الحكم عليه حتى يصبح من حقه أن يكون فرداً طبيعياً ومواطناً له من الحقوق ما لنا، وعليه ما علينا.. فلماذا نصر على مفردة (العار أو الفضيحة)...!!؟

***

سيّر السابقين تكاد لا تخلو ممن أذنب، أو أجرم، أو عصى، ثم تاب، أو عُوقب، أو عُفي عنه فكان أن خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه طاهراً، نقياً، شفافاً، بريئاً.. فأين، أين نحن من تلك السّير؟ من المرأة التي زنت! أو من الشاب الذي أتى الرسول صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الزنا؟

أين من قتل أختيه من إرث السلف الصالح السلوكي بعد أن تم تقويمه.. قصد هذا الشاب من قتل أختيه أن يغسل العار أو الفضيحة (في عرف الجهلاء) وما درى أنه نشر العار أو الفضيحة، عار أسرته بعار آخر وفضيحة ثانية.

ما كان أحد لينتبه إلى أن هناك فتاتين ارتكبتا ما يخل بالسلوك أو الشرف لو أنه لم يقتلهن بسلاحه، فتنبري لجريمته أقلام الإعلام، وتتسابق في نشر الخبر، حيث ما أكثر الذنوب وما أعظم الله في ستره للمذنب أو العاصي لحكمة يريدها، وهي أن يستشعر ستر الله له مع انهماكه في المعصية فيخجل منه سبحانه ويتوب بعد أن يقلع ويندم.

شاب أقدم على هذه الجريمة أظن أنه أبعد ما يكون عن العلم الديني أو المنهج الرباني، وعن الذي ينزل بالليل ليتوب مسيء النهار، وينزل بالنهار ليتوب مسيء الليل.

شاب أو من ينوي أن يفعل فعلته أبعد ما يكون عن التعامل بالعقل، أو عن مجاهدة الشيطان، ووساوسه، أو مكائده، وربما مجاهدة شياطين الإنس، ووساوسهم، أو مكائدهم.

نعي أنه ثمّة ذنب ومعصية، وثمة توبة وندم ومغفرة.. فما نسبة من يعون؟ ويتشربون بهذا الوعي حد حسن التعامل، أو عقلانية التصرف عند وقوع الذنب، أو المعصية!!

هل تتخلص من ثوبك إذا اتسخ أو تنجّس، من طبقك، من سيارتك، من نظارتك، من طفلك!! البشر لا يساوى أو يتساوى مع ممتلكاتنا من الجمادات، أو ممتلكاتنا من الحيوانات لكننا جميعاً نستوي في الاتساخ والتنجّس أو النجاسة، فإذا اتسخنا أو تنجسنا، تطهرنا واغتسلنا وتنقينا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدّنس.. ولأننا كلنا خرجنا إلى الحياة بِيضاً، ليؤازر أحدنا الآخر كي نعود إلى الله بِيضاً أو أشد.

bela.tardd@gmail.com -- -- p.o.Box: 10919 - dammam31443

Twitter: @HudALMoajil

مقالات أخرى للكاتب