Sunday 22/06/2014 Issue 15242 الأحد 24 شعبان 1435 العدد
22-06-2014

فتّشوا عن (التماثيل) .. في جماجم (المبتعثين)..؟!!

) قام شاب سعودى بتحطيم أربعة تماثيل موجودة داخل أحد معابد البوذيين بالعاصمة اليابانية طوكيو.

) ألقت السلطات اليابانية القبض على الشاب السعودى، وتبين أنه يدعى محمد (31 عاماً)، وأنه طالب دراسات عليا بالمملكة، وذلك للاشتباه بتورطه في حادثة كسر أربعة تماثيل في معبد (سينسو جي) في العاصمة طوكيو،

حسبما ذكرت القناة الخامسة اليابانية على موقعها الإلكتروني، وأضافت القناة: أن تاريخ هذه التماثيل يرجع إلى (300 سنة)، مشيرة إلى أن شرطة طوكيو أفادت بدخول المشتبه به ليلاً إلى المعبد دون إذن، وقيامه بتكسير التماثيل، وقد تعرف عليه شهود عيان، ثم اعترف فيما بعد بفعلته هذه، وأنه قام بعمل مشابه في أمكنة أخرى.

) قرأت هذا الخبر السوداوي ذات مساء حالك السواد، فازداد مسائي حلاكة..! ثم إني حوقلت ثلاث مرات، ثم ملت وأنا بكامل قواي العقلية دون إكراه أو تحريض من أحد، إلى مشاهدة برنامج حواري جديد على قناة تلفزية، فألفيت أكاديمياً متخصصاً في الفقه المقارن، (يحاول) محاورة شيخ هو داعية في الأصل..! وبينهما مذيع يحرض على الخلاف تارة، ويدفع إلى الائتلاف أخرى، ثم ما لبثت أن حوقلت من جديد، ولكن ثلاث وثلاثين مرة هذه المرة..!

) لم أجد كثير عناء للربط بين ما جنته يد مبتعث سعودي في طوكيو؛ من الاعتداء على ممتلكات ومعتقدات اليابانيين بدافع الاحتساب طبعاً، وبين ما تجنيه عقلية هذا الداعية علينا جميعاً عبر الشاشة الفضية، بل إن هذا وأمثاله بهذه العقلية المتحجرة التي لا تعرف غير لغة الوصاية على الناس كافة؛ سعوديين وعرباً ومسلمين وغير مسلمين؛ هي التي تفرخ عقليات بليدة وكارهة، تسعى في الأرض قبحاً وتشويهاً لدينها ووطنها ومجتمعها.

) أخشى ما أخشاه؛ أن نتلقى لكمة يابانية خطافية؛ تفرج بموجبها عن الشاب المعتدي على تماثيلها التاريخية؛ معتبرة إياه ضحية لثقافة تكريه نشأ عليها في بلده، وأنه يمثل حالة مرضية نفسية انتقلت إليه وراثة أو عدوى من معلميه ومدرسيه ومشايخه في بلده، وأنه لو كان في حالة طبيعية نفسياً وعقلياً؛ لما فعل هذه الفعلة في بلد ليس بلده، ومجتمع ليس مجتمعه، وبين أناس لا يدينون بدينه. هذه إدانة للمجتمع والبلد بالكامل.

) أتمنى أن يحاكم اليابانيون هذا المعتدي جنائياً على عدوانه الصريح الصريخ على تاريخهم وثقافتهم ومعتقداتهم، بحيث تنحصر القضية في شخصه هو، فهذا جزاؤه، ولا نوصم من جديد بسببه بالتشدد والتخلف والتطرف وتصدير الكراهية، فهو قد تجسس وتلصص، ودخل إلى معبدهم في جنح الظلام دون إذن، وراح يمارس هواية التكسير والتحطيم دون رأفة أو رحمة ببشر أو حجر..!!

) الحمد لله.. أن الكثرة الكاثرة من مبتعثينا إلى كل القارات، هم سفراء أمناء على سمعة بلادهم، ويعكسون بحق؛ التعاليم السمحة لدينهم السمح، ويبرزون حقيقة مجتمعهم السعودي المحب للبشرية جمعاء، ويؤثرون إيجابياً بهذا السلوك الحضاري في المجتمعات الغربية والشرقية، فهم يتمثلون قول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: (الدين المعاملة).

) مع كل هذا يا سيدات يا سادة. انظروا ما مدى تأثير حالات شاذة كهذه الحالة التي وقعت في عاصمة هي من أكبر وأهم عواصم العالم، بل وفي قلب دولة صناعية كبرى هي اليابان، لبلادنا معها علاقات اقتصادية وتجارية متميزة منذ أمد بعيد.

) حادثة كهذه لا يمكن أن تمر علينا هكذا في المملكة مرور الكرام، إذ يمكن أن تتكرر من آخرين في بلدان أخرى، فتتضرر بسببها بعثاتنا الطلابية التي نعلق عليها آمالاً عراضاً، وتتأذى منها علاقاتنا مع دول وشعوب، وتزداد صورتنا سواداً في أعين الكثيرين، وتُستغل هذه الحوادث من قبل المتربصين بنا وببلادنا ومجتمعنا، فتتحول إلى كرات نارية من الكراهية والعدائية ضدنا.

) لا فرق بين سعودي طوكيو وداعية القناة الذي راح طوال الحلقة يمطرنا بالأوامر والنواهي، ويذكرنا بوصايته على غيره، ولا بين الذين يحرضون على حرق وهدم وتخريب المعالم الأثرية في بلادنا. الكل ينطلق من مفاهيم خاصة به غير قابلة للنقاش، ويفتقد للياقة الأخلاقية وأدب الحوار، ويلوي أعنة كثير من النصوص الشرعية لصالح رغبته في فرض وصايته، وينسى أو تغيب عنه نصوص التودد والمحبة بين الناس: ( وجادلهم بالتي هي أحسن ).

) إذا كنا نحن السعوديين؛ نملك بعض المناعة ضد هذه الظواهر التطرفية، لأنا عايشناها سنوات كثيرة وما زلنا، إلا أنه ليس من السهل أن يخرج من بيننا من يمارسها في عواصم عالمية مثل طوكيو مثلاً. الأمر جد مختلف، ولهذا وجب تنبيش وتفتيش جماجم بعض المبتعثين للخارج، من أجل تحطيم تماثيل التطرف في حناياها، وتنقيتها من الكراهية والعدائية ضد الآخرين، ونزع فتيل الوصاية المغروس فيها.

alsalmih@ymail.com

assahm@maktoob.com

مقالات أخرى للكاتب