Thursday 26/06/2014 Issue 15246 الخميس 28 شعبان 1435 العدد
26-06-2014

مواطن بدرجة بروفيسور

يُقاس حب الإنسان لوطنه بحجم عطاءاته المتدفقة لهذا الوطن. العطاءات التي لا تتوقف حتى آخر نبضة لقلبه المترع بالحب لكل شبر على ثراء الوطن الغالي.

العطاء ليس مقصوراً على دفع المال إذ ربما يكون الوطن في رغد وسعة بما فيه من خيرات، وبما فيه من باذلين، ولكنه عطاء يمتد لكل مفاصل الحياة وتفصيلاتها التي لا تنتهي. في البيوت والمدارس والجامعات والمؤسسات، وفي التوجيه والتثقيف، وفي السهر على الحدود، وحراسة المدن والقرى والأرياف، وفي الإصلاح والتنوير وفي كثير من شئون الحياة داخل إطار الوطن.

كل مواطن شريف مخلص يؤدي واجباته، ويظهر الحرص والاجتهاد في أدائها هو مواطن رفيع المستوى بدرجة بروفيسور في حبه وإخلاصه لوطنه بكافة مكوناته بغض النظر عن نوعية العمل الذي يمارسه إن كان مديراً أو معلماً أو طبيباً أو عسكرياً أو سائق سيارة أجرة أو حتى عامل نظافة، وإن شئت أيضاً أن تضيف المزارع والتاجر والصانع إلى آخر القائمة التي لا تنتهي من مهن كلها تُشكِّل منظومة متكاملة أي خلل فيها يجلب المتاعب للمجتمع، فأي فرد خائن ناكر للجميل سيرتد إلى صدور الآخرين سهماً غائراً في صدورهم مضيعاً نفسه ومخلفاً حسرات أب مشفق وأم مكلومة.

ماذا يستفيد الوطن من إنسان شاذ بفكره لا يقدم شيئاً لبلده حتى ولو كان يحمل درجة بروفيسور في تخصصه، لكنه تحوَّل للأسف إلى معول هدم وأداة في أيدي الأعداء يحركونه كما يريدون، فظل متربصاً بهذا البلد الآمن المحسود من الأعداء، محاولاً تصيد أي هفوة أو زلة لتضخيمها وتهويلها وكأن الأخطاء لا تقع إلا هنا! رغم أن الخطأ من سمات البشر فلا يُوجد مجتمعٌ كامل على وجه الأرض.. لكن حَوَل عينيه جعله يغض الطرف عن الحسنات.

المواطن المخلص هو من يسعى لنفع مجتمعه بكل إمكاناته ومقدراته، وليس من يمضي وقته في متابعة حسابات مشبوهة تستهدف هذا البلد لزعزعة أمنه واستقراره، وإشاعة الفوضى في ربوعه في محاولة لاستنساخ ثورات الفشل العربي. ثورات لم تحقق الأمن والحرية والعدالة أو الديمقراطية العربية المزعومة بل خلَّفت الدمار.

حين يقف مواطن عربي على أطلال بلاده المنكوبة بثورات الخريف العربي، فإنه يبكي بحرقة أسفاً على أيام مضت تمنى لو عادت. على الأقل كان يعيش حياة هادئة مطمئنة رغم الفقر والحاجة.

حسابات في تويتر تهاجم المملكة وتحرض على الفتنة وتبث سمومها للشعب وتتكلم بألسنتهم بأسماء سعودية مستعارة، وهي تُدار من قبل مخابرات معادية هل حري بالمواطن الصادق أن ينجرف وراءها، ويصدق ما تنطق به من كذب وافتراء أم يتجاوزها لما ينفعه في أمور دينه ودنياه؟

بعض الأشخاص يضع مواطنته في مساواة مريضة لكفة المصلحة، فإن أُعطي منها رضي وإن لم يعط سخط.

مذبذب في حبه وانتمائه تزيد وتيرة الوطنية لديه في حالات العطاء وتنخفض إلى أدنى مستوياتها في حالات المنع رغم أن المواطنة الصادقة تظل ملازمة للإنسان من مولده إلى رحيله من الدنيا رغماً عن تقلبات الحياة ومراراتها.

لا بد أن نقيس وطنيتنا بما نعطي عن طيب خاطر لمجتمعنا دون انتظار لما سنأخذ، فالوطنية في كل الأحوال أكبر من المزايدة الرخيصة. أقف دائماً إكباراً وإجلالاً لمواطنين أجدهم في كل موطن يقدمون من جهدهم ومالهم ما يدفع عجلة التنمية في هذا الوطن المبارك.

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب