Saturday 28/06/2014 Issue 15248 السبت 30 شعبان 1435 العدد
28-06-2014

جدة التاريخية: هل نحن مستعدون لهذا الحدث؟

يأتي اعتمـاد المنطقـة التاريخية بجدة في قائمة التراث العالمي لدى اليونسكو كحدث ثقافي هام، بل يمكن اعتباره من أهم الأحداث الثقافية على ساحتنا المحلية. وتنبع أهمية هذا الحدث في أنه من الآن فصاعداً يجعل من المنطقة التاريخية في جدة تراثاً إنسانياً عالمياً لا يخصنا وحدنا في هذا البلد وإنما يخص العالم أجمع، ويجعلنا مؤتمنين في المحافظة عليه.

لقد تعرضت المنطقة التاريخية في جدة إلى حوادث مؤسفة عديدة في الفترة الماضية، ومن هذه الحوادث نشوب حرائق في بعض المباني التي تحمل سمات وخصائص عمرانية تاريخية توثق تاريخ مدينة جدة من قديم الزمان، كما أن الكثير من المباني والمعالم تعرضت للاندثار بسبب الإهمال أو لظروف خارجة عن إرادة مُلاَّكها، ففقدنا ثروة ثقافية كبيرة يصعب تعويضها.

وما حدث في المنطقة التاريخية بجدة يحدث في أماكن تاريخية أخرى من المملكة رغم جهود الهيئة العامة للسياحة والآثار. وسبب ذلك هو النظرة السلبية، أو عدم المبالاة التي تطغى على تعاملنا في هذا المجتمع نحو القيمة الثقافية للآثار والمعالم التاريخية.

لازال البعض منا، حتى الآن، يتحدث عن الكنوز التاريخية التي تمتلكها بلادنا من خلال نظرة ضيقة متشددة تكبل كل فعل ثقافي بـ»فيتو» أحمر قاطع يحرم كل شيء رغم توضيح العديد من العلماء الشرعيين أن الاهتمام بهذه الآثار والمعالم لا غبار عليه من الناحية الشرعية. وقد تجاوزت المجتمعات البشرية هذه النظرة الضيقة بفعل الوعي والتقدم العلمي والحضاري وأصبحت المعالم التاريخية محل اعتزاز شعوب الأرض ومصدر دخل اقتصادي وسمة ثقافية رفيعة، في حين أن البعض منا لازال عاجزاً عن استيعاب هذه الحقائق البسيطة!

ولعلنا نتفاءل باعتماد جدة التاريخية في قائمة التراث العالمي، ونتطلع إلى مرحلة جديدة يتم خلالها التأكيد على أهمية المعالم التاريخية والمحافظة عليها. وهذا لن يتحقق إلا بممارسة حازمة من الدولة ورعاية لتلك المعالم دون مجاملة لأحد.

يجب أن نتوقع ما سوف يستتبع اعتماد جدة التاريخية في قائمة التراث العالمي وأن نكون مستعدين له. فعلى سبيل المثال، هل نحن مستعدون فعلاً لاستقبال سياح يأتون إلينا بهدف الاطلاع على تلك المعالم التي اعتمدتها اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي أم أننا سنتعامل معهم بطريقة متخلفة كما حدث في مناسبات أخرى؟

يبقى بعد ذلك تذليل أي صعوبات إجرائية قد تبرز بعد اعتماد اليونسكو لجدة التاريخية مثل العلاقة مع ملاك الأصول التاريخية وضمان أن تلك الملكيات لن تعيق تطوير المنطقة التاريخية مع عدم الإجحاف بحقوق الملاك أو أي طرف من الأطراف.

اعتماد جدة التاريخية في قائمة التراث العالمي هي خطوة، ويجب أن تتبعها خطوات مهمة أخرى.

alhumaidak@gmail.com

ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب