Monday 07/07/2014 Issue 15257 الأثنين 09 رمضان 1435 العدد
07-07-2014

إماتة القيم باسم القيم

هل راقبت يوماً نمو نبتة، أو حركة نجمة ما؟

إننا حين نراقب شيئاً ما بدقة ودونما غفلة لن نلحظ التغيرات التي تحدث في مظهره وطوله ونموه أو حركته. بعكس التغيرات التي تحصل بمنأى عن الترقب، فالتباين بين حالتها التي عهدناها وحالتها الآنية مذهلة ومفاجئة. الغياب يشبه ألعاب الخفة التي تحول الأشياء فنصدم بالتغيير على حين غرة!

قد تبدو هذه المقدمة رومانسية لكن المؤسف في الأمر أنها ليست كذلك!. لأنني أفكر بالإرهاب الذي نما كالفطر الضار في شقوق الزمن، في الظلام، وعلى غفلة منا!

لم تبرأ ذاكرة الخليج بعد من جرح غزو الجيش العراقي لجارته الكويت في فجر الثاني من أغسطس 1990. وتمكنه من الاستيلاء على كامل الأراضي الكويتية خلال يومين فقط. إلا وتُباغت المنطقة بخبر استيلاء مُسلحي الدولة الإسلامية في العراق والشام على الموصل وهروب مواطنيها لمحافظات أخرى! وما بين هذه وتلك تتزعزع الروح لتدمير سوريا وقتل إنسانها وانتهاك سلامها.

وليس لنا إلا أن نتساءل في ذهول: ما الذي يحدث؟ كيف بدأ؟ متى؟ من هؤلاء؟ وتضج الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي كتويتر بمحاولات التحليل والتفسير. وينقسم الرأي العام ما بين ثورة شعبية أو هجوم داعشي!. لكن أحداً لا يمكنه -حتى الآن- الجزم بتفسير ما. كل ما لدينا محاولات تشبه البحث عن مخرج في ظلمة حالكة، وصور تفضح فداحة القتل وجز الرؤوس ودحرجة الجثث في مجاهل صحراوية نائية!.

يقول إدوارد سعيد: «لا يبدو تصنيف شيء ما بداية أكثر أهمية من ذي قبل إلا الآن، ونحن نتساءل عن موضوع البدايات. ونجد أنفسنا نرد بالقول إننا نعرف الآن كما عرفنا دائما كيف نبدأ -سواء أكان ذلك في مجال الكلام أو الشعور أو التفكير بعمل معين بدلا من آخر- وإننا سنعرف دائما كيف نبدأ». وعودة على الإرهاب والعنف الذي يتمدد في المنطقة، وسؤالنا الكبير: كيف بدأ؟ ولأنني أيضا موقنة أن البحث في البدايات لن يكون جزمياً بأي حال، لأن البدايات في الأمور التي تتوضح بغتة لا يمكن تفسيرها إلا في البَعدية. لذا سأشير بسبابة التهمة على المنشأ المنطقي لانحراف القيم أو إماتتها تنظيرياً وتطبيقيا فيما بعد. بحيث تتحول جريمة قتل بشعة واستباحة ديار آمنين إلى جهاد ديني ينتظر مرضاة الله وجنة الخلود! وهذا لا يحدث إلا بمسخ المفاهيم وإلغاء الضمير مما يجعل الجاني يتوضأ بالدماء ثم يستقبل القبلة ويصلي بقلب راضٍ.

الصور التي انتشرت مؤخراً لسيارة المجموعة الإرهابية التي هاجمت دورية أمنية في شرورة وتظهر بها قناني الماء المستخدمة للتو مع أن الحادثة وقعت في نهار رمضان وقت الصوم لعموم المسلمين. تقودنا حقاً للتساؤل: هل أعطوا لأنفسهم رخصة بالإفطار لأجل الجهاد المزعوم؟ ما البداية؟ كيف؟ ومتى؟

kowther.ma.arbash@gmail.com

kowthermusa@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب