Wednesday 09/07/2014 Issue 15259 الاربعاء 11 رمضان 1435 العدد
09-07-2014

شهر رمضان: معنى ومغزى

الشهر: جزء من اثني عشر جزءاً من السنة، أو جزء من أجزاء السنة الاثني، عشر، وأيضاً تعنى الهلال، القمر.

وقديماً لما نقلوا أسماء الشهور سمّوها بالأزمنة التي وقعت فيها، فوافق هذا الشهر (شهر رمضان) أيام ومض الحر، والرمض، حرقة القيظ.

والرمضاء: شدة الحر.

وفي الحديث: صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال من الضحا «أي إذا وجد الفصيل حر الشمس من الرمضاء .. أي صلاة الضُّحا تلك الساعة».

وشهر رمضان: الشهر التاسع من الشهور القمرية (الهجرية) بين شهري شعبان وشوال.

وفي شهر رمضان أول ما نزل من القرآن على النبي محمد صلى الله عليه وسلم - بداية الوحي المحمدي - كان في ليلة القدر من هذا الشهر في عام 610 هجري (1213 ميلادي) إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء عندما جاء إليه جبريل عليه السلام قائلاً له: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، وهي الآية الأولى التي نزلت من القرآن الكريم من اللوح المحفوظ ليلة القدر جملة واحدة، فوضع في بيت العزة في سماء الدنيا في شهر رمضان.

وكان جبريل عليه السلام ينزل به مجزئاً في الأوامر والنواهي والأسباب في ثلاث وعشرين سنة.

وعن وائلة بن الأسفع رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان» .. رواه أحمد.

ولا يثبت دخول شهر رمضان (شهر الصيام) إلا بأحد أمرين وهما:

رؤية هلال رمضان: يثبت دخول شهر رمضان بإجماع المسلمين لقول الله تعالى {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (185) سورة البقرة.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (إذا رأيتموه، فصوموا، وإذا رأيتموه، فافطروا) متفق عليه.

ويشترط في رؤية الهلال أن تكون السماء خالية مما يمنع الرؤية من غيم أو دخان أو غبار أو نحو ذلك.

الأمر الثاني في إثبات دخول شهر رمضان: إكمال شهر شعبان ثلاثين يوماً. إذا لم تكن السماء خالية - مما ذكرناه آنفاً - أو كانت السماء خالية، ولم تثبت رؤية هلال شهر رمضان، فإكمال شعبان ثلاثين يوماً لقول النبي صلى الله عليه وسلم (صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته، فإن غمّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين).

وثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان إذا مضى من شعبان تسع وعشرون يبعث من ينظر، فإن رأى فذاك، وإن لم ير، ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطراً، وإن حال أصبح صائماً.

إن أمر صيام (صوم) شهر رمضان مرتبط برؤية الهلال إذا كانت السماء صحواً. إما إذا كان في السماء غيم، فإن إكمال شهر شعبان ثلاثين يوماً يثبت دخول شهر رمضان.

والله سبحانه وتعالى قد فضّل بعض الأزمنة على بعض، ففضّل في الأزمنة كلها شهر رمضان على سائل الشهور مختصاً هذا الشهر المبارك بفضائل عظيمة ومزايا كثيرة، فصوم شهر رمضان ركن من أركان الإسلام الخمس لقول النبي عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنّ محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة وصيام رمضان، وحج البيت).

وقال تعالى في محكم التنزيل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (183 سورة البقرة).

وقال {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (185 سورة البقرة).

وقد فرض الله سبحانه وتعالى صيام شهر رمضان: يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر شعبان في السنة الثانية من الهجرة الموافق (623) ميلادي.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما حضر رمضان وقد جاءكم شهر مبارك افترض عليكم صيام تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغَلُّ فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها، فقد حرم) رواه أحمد والنسائي والبيهقي.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال (من صام رمضان وعرف حدوده، وتحفظ مما كان ينبغي أن يتحفظ منه كفر ما قبله) رواه أحمد والبيهقي بسند جيد.

وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال «خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان، فقال: يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة القدر خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعاً من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد فيه الرزق، من فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء، قالوا يا رسول الله: ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائماً على مذقة أي (طعم) لبن أو تمرة أو شربة ماء ومن سقى صائماً سقاه الله عز وجل من حوض شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة، وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، فاستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غناء بكم عنهما. أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه، وأما اللتان لا غناء بكم عنهما فتسألون الله الجنة وتعوذون به من النار».

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أعطيت أمتي في شهر رمضان خمس خصال لم تعطها أمة قبلهم: خلوف فم الصائم، أطيب عند الله من ريح المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا، ويزين الله عز وجل كل يوم جنته ثم يقول: يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤنة والأذى، ويصيروا إليك، وتصفد فيه مردة الجن فلا يخلصون فيه إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره، ويغفر لهم في آخر ليلة، قيل يا رسول الله: أهي ليلة القدر، قال: لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله» رواه أحمد.

وعن عبادة بن الصامت مرفوعاً (أتاكم رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه، فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله إلى تنافسكم فيه، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله) رواه الطبراني، ورواته ثقاة.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه، يقول: قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه فيه تفتح أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم) رواه أحمد والنسائي.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه) رواه أحمد وأصحاب السنن.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنب الكبائر) رواه مسلم.

ومن فطر يوماً من رمضان من غير عذر ولا مرض لم يقضه صوم الدهر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (من أفطر يوماً من رمضان في غير رخصة رخصها الله لم يقض عنه صيام الدهر كله وإن صامه) رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي.

وعن أبي عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال (عرى الإسلام وقواعد الدين ثلاثة عليهن أسس الإسلام، من ترك واحدة منهن فهو بها كافر حلال الدم: شهادة أن لا إله إلا الله والصلاة المكتوبة وصوم رمضان) رواه أبو يعلى والديلمي وصححه الذهبي.

وخص الله شهر رمضان عن غيره من الشهور بخصائص جمة، منها:

ما يتعلق بالصائم نفسه: خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.

ويغفر للصائمين في شهر رمضان في آخر ليلة من رمضان.

ولله عتقاء من النار في كل ليلة من ليالي شهر رمضان وتستغفر الملائكة للصائمين حتى يفطروا.

ويزين الله في كل يوم جنته، مشيراً: يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ثم يصيروا إليك.

وتفتح في شهر رمضان أبواب الجنة وتغلق أبواب النار.

وفي شهر رمضان تصفد فيه الشياطين.

ومن صيام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه.

فهل نحرص على الصيام والقيام والذكر والتلاوة والعبادة في هذا الشهر؟

مقالات أخرى للكاتب