Sunday 20/07/2014 Issue 15270 الأحد 22 رمضان 1435 العدد
20-07-2014

ابحث عن إيران في كل حروب العرب

غزة تُقصف، وإسرائيل تزيد ضرباتها ضراوة وعنفاً، والحرب البرية بدأت؛ وصواريخ المقاومة تستفزها، وتستفز خوف الإسرائيليين، فينعكس هذا الخوف على تدمير أكبر وأقسى وأعنف يتلقاه الشعب الغزاوي الأعزل المغلوب على أمره.

وفي العراق أغلب مدن الوسط والشمال لا تنتهي طائرات المالكي وسورية وإيران من قصفها، إلا لتبدأ حرب طاحنة برية بين العشائر السنية والنظام، لا تبقي ولا تذر, والقتلى والجرحى بالآلاف، واللاجئون كذلك، والأوضاع تتفاقم.

سورية وجميع مدنها وأريافها تصبح وتمسي على براميل متفجرة تسقط من الجو من رئيس يريد أن يبني تاريخه من جماجم شعبه، ورصاص وقذائف تأتي من كل الاتجاهات ومن كل التوجهات الأيديولوجية على الأرض؛ أما خسائر السوريين من الأرواح فهي بمئات الآلاف بين قتيل وجريح، إضافة إلى ملايين المشردين الذين امتلأت بهم دول الجوار السوري.

أما اليمن فهي مشتعلة بشكل يكاد يكون شبه دائم، ما أن ينتهي جيشها من حربه مع (القاعدة) وثعابينها، إلا ليبدأ الحوثيون في التقدم نحو العاصمة صنعاء.

لو تمعنت في هذه الحروب جميعها، وتأملت فيمن يدعم أحد أطرافها، لوجدت إيران حاضرة وبقوة، تدعم هذا الطرف أو ذاك، أو طرفين في الوقت ذاته.

حماس والجهاد تُمول من قبل إيران كما هو معروف، والصواريخ التي تُطلق من قبل حماس والجهاد وبقية الفصائل الفلسطينية تجاه إسرائيل، كانت إيران قد زودت بها هذه الفصائل، والبعض الآخر المصنع في غزة محليا زودتها بمكوناتها.. صحيح أن الحرب الأهلية السورية قد جعلت علاقات حماس والجهاد بإيران يكتنفها شيء من البرود، إلا أن قصف غزة أعاد على ما يبدو المياه إلى مجاريها؛ فإيران هي المستفيدة الأولى منها؛ يكفي أنها صرفت الأنظار عن جرائمها، وجرائم حزب الله، في سورية.

الحرب في العراق هي حرب في النهاية بين نوري المالكي عميل إيران في العراق وبين بقية أطياف الشعب العراقي؛ سواء كانوا عرباً سنة، أو عرباً شيعة، أو أكراداً، أو بقية مكونات الشعب العراقي؛ فلا تسأل عراقياً عن سبب هذه الحرب الطاحنة إلا ويجيبك : (المالكي)؛ ثم يواصل : (إذا استقال المالكي فإن المشكلة يمكن حلها، وإلا فلا). إيران وجدت في المالكي واستقالته ضالتها، فجعلت منه ومنها ورقة تتفاوض عليها لتحقيق تطلعاتها التوسعية في المنطقة.

أما اليمن فلا قيمة للحوثيين، ولا يمكن أن يصلوا إلى هذه القوة إلا بتمويل إيراني. فالحرب في اليمن بين الحوثيين والجيش اليمني هي في حقيقتها حرب بين إيران والجيش اليمني؛ فلولا أن دولة في حجم إيران تقف خلف الحوثيين، وتمدهم بالمال والعتاد لما استطاع الحوثيون الاستمرار فيها.. هذه حقيقة يعرفها الجميع، وأولهم اليمنيون.

السؤال: هل تستطيع إيران أن تستمر ، وهذه الحروب في المنطقة تستنزفها، وتستنزف ثرواتها، ولا سيما وهي تعيش في حالة حصار اقتصادي؟

قصف غزة سينتهي في غضون أيام؛ فلا أهل غزة وفصائل المقاومة يقدرون على تحمل تبعات القصف، ولا الإسرائيليون أيضاً. وليس خافياً أن من ضمن أهداف هذه الحرب إصلاح علاقات حماس والجهاد بإيران، لتعود ملايين التمويل بعد أن تجمدت بفعل التدخل الإيراني في سورية. وإذا أحجمت إيران عن الدعم، فهذا يعني أنها ضحت بكل استثماراتها السياسية مع المقاومين في غزة.

أما حرب سورية، وحرب العراق، وحرب اليمن، فليس ثمة مؤشرات تشير إلى نهاية وشيكة لها.

فهل إيران قادرة على تمويل كل هذه الحروب والاستمرار فيها؟

ثم هل سيسكت الإيرانيون على شظف العيش، والحصار الاقتصادي، وتبذير ثرواتهم ذات اليمين وذات الشمال؟

كل المؤشرات تقول إن ثمة مفاجآت سيواجهها نظام الملالي بعد هذا التهور غير المحسوب في التوسع في حروب المنطقة، الإنسان الإيراني المغلوب على أمره قد يسكت ويتحمل برهة من الوقت، ولكن لن يسكت على مغامرات الملالي إلى الأبد؛ وهذه النزاعات الإقليمية لا يبدو أن لها نهاية قريبة.

يقولون : الحروب تستطيع أن تبدأها أو تشارك فيها بقرار، ولكنك لا تستطيع أن تنهيها أو تنسحب منها متى ما أردت.. فهل عرف الملالي الآن معنى هذه العبارة؟

إلى اللقاء.

مقالات أخرى للكاتب