Wednesday 23/07/2014 Issue 15273 الاربعاء 25 رمضان 1435 العدد
23-07-2014

في مواجهة العدوان على غزة لابد من الأمل.. وإن طال السفر

أكتب وقد واصلت غزة مقاومتها وصمودها للأسبوع الثالث أمام استمرار العدو الإسرائيلي في تصعيد هجمة الإرهاب المنظم لدولة الاستعمار الاستيطاني الصهيوني, في الوقت الذي واصل فيه الضمير العالمي والعربي انقسامه بين شعوب تأبى النوم على ضيم وبين من يتعيشون على الضيم وبين قوى لا تعيش إلا بممارسة الضيم.

والحقيقة أن مقاومة غزة اليوم ليست مقاومة فلسطينية لعدوان الاحتلال الإسرائيلي وحسب بل هي في جوهرها مقاومة لفوبيا الإرهاب بقدر ما هي مقاومة لحالة الاحتراب المريع الذي خلفه الخوف من الربيع العربي. وهي مقاومة أيضا لما بعد عمليات إخماده الشرسة وماجرى فيها من توزيع دماء طلابه من المدنيين بين اظلاف الأنظمة التي انقضت عليه وأنياب القوى القتالية التي استولدت لمحاربته والقوى السياسية التي ركبت على ظهره.

فإذا كانت انطلاقة الربيع العربي في بداياته قد أربكت إسرائيل لتؤجل ضرباتها العسكرية المعتادة على غزة بما ضلل ضعاف الذاكرة منا وجعلهم يلومون الضحية لأنها لم تصعر خدها الآخر للجلاد, فإن دولة إسرائيل العدوة لم تكن لتترك فرصة مآلات الربيع العربي القاضية على كل شرارة منه لتمضي دون أن تقيم لها أعراس فرح دموية.

ولهذان فالمفارقة أنه في نفس الوقت الذي يتصاعد العدوان الإسرائيلي ويزداد شراسة, فإن تواصل صمود وبطولة غزة لأسبوعها الثالث أمام استشراس العدو يتواصل معها خلق واقع موضوعي وحالة ثقافية تعترض ولو بريشة أمل موكب الكبوات الراكض بنا نحو تهاوي الأوطان. وهذا الفعل المقاوم لو جرى الوعي به فإنه قد يخلخل التوجه العربي العام في هذه اللحظة والقائم على قدم وساق بإستبدال الثورات الشعبية والاحتجاج المدني التي أطلقها الربيع العربي بالإحتراب الطائفي والصراع السياسي العرقي والديني والعسكري، أو على الأقل فإنه قد يعمل على تحدى التسليم بهذا التوجه لئلا يكون كقدر لا مفر منه تساق له المنطقة.

والحقيقة أن هذا الموقف الغزاوي الصمودي لعدد من فصائل المقاومة وجميع سكان القطاع هو ما أربك النظام العربي وقلص مواقفه الشجبية المعتادة إلى مادون الحدود الدنيا للاستنكار. بل أنه في الواقع الجم بعض دوله الصمت المطبق على الذبح البواح لإخوانهم مع مصادرة أبسط أشكال الاحتجاج الشعبي على العدوان ومنع التظاهر حتى في تلك الدول التي تسمح أنظمتها في العادة بالتظاهر السلمي.

وإذا كانت بطولة غزة وصمودها أمام العدوان عليها لم تستطع أن تغير رأي مروجي الحلول الاستسلامية والتطبيع من المثقفين العرب في حق المقاومة للشعوب المغلوبة على أمرها كالشعب الفلسطيني, فإن هذه البطولة وهذا الصمود استطاع في ثلاثة أسابيع رمضانية أن يدخل شعب المحتل إلى الملاجئ، ويخرج بعض القوى العالمية على الحياد غير الموضوعي الذي تدعيه الأنظمة الديموقراطية في الغرب وأمريكا الشمالية كما تدعيه دول الموالاة والممانعة معا في النظام العربي تجاه القضايا العادلة كالقضية الفلسطينية. ولهذا، رأينا أن حتى أوعية الأخبار والصحف الغربية القائمة عادة على الحياد غير الموضوعي لم تستطع أن تتستر على وحشية مذابح إسرائيل في غزة كما ظهر مثال منها على الصفحة الأولى للنيورك تايمز يوم الخميس الماضي السابع عشر من هذا الشهر الميلادي. وفي هذا السياق الخارج على الحياد غير الموضوعي تجاه الواقع الجديد لصمود غزة في وجه الإرهاب الإسرائيلي المنظم رأينا اندلاع المظاهرات في شتى عواصم العالم وبعض الولايات الأمريكية كأهايو في تحد كما حدث بفرنسا لذلك الحياد المنحاز ضد شعب يذبح حيا على الهواء أمام العالم بيد الجيش المنظم لدولة الاحتلال الإسرائيلي. ولهذا ما سُئل ذي ضمير من المحللين السياسين الغربيين في البرامج الحوارية عن الحل لهذا الصراع إلا وقالوا إنهاء التحليل.

غير أن النقيض الأخلاقي وليس السياسي وحسب لهذه المواقف المشرفة التي ماكانت لتكون لولا أهل غزة هو تلك المواقف دعية الليبرالية والبرجماتية التي لايعجز أصحابها فقط عن الوقوف مع الحق، بل أيضا يصفقون للباطل. فقد ذكرتني مواقف بعض المثقفين العرب خاصة من المحسوبين على الخط الليبرالي في إدانتهم لمقاومة غزة وتبرئة العدو بموقف رئيس أمريكا باراك أوباما المؤيد تأييدا مطلقا لإسرائيل وإقراره العنصري بها كدولة يهودية على التراب الفلسطيني بمافيه استباقها بتقرير القدس عاصمة لها.

كذلك ذكرني كل من الموقفين بموقف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري المعادي لمقاومة غزة بقوله يوم أمس الأول «إن غزة تضع إسرائيل تحت الحصار». والحقيقة أن تقارب هذه المواقف المعادية للقضايا العادلة مع تباين خلفيات ومواقع أصحابها يوقظ في الضمير ذلك العنوان والمضمون المعبر لكتاب فرانز فانون «أقنعة بيضاء ووجوه سوداء».

لهذا ففي الوقت الذي تتعمد فيه آلة العدو الإسرائلي العسكرية استهداف المدنيين من الأطفال والنساء والشباب اليفع مستقوية بفخاخ التهدئة, فإن هناك من لايخجل من لوم الفلسطينين على تقديم أنفسهم قوافل من الشهداء في مواجهة الاعتداء. كما هناك بنفس خلل الشبكية والبصيرة من يبدو وكأنه يحسب أن أهل غزة شخوص كرتونية تتخطفها «نيران صديقة» وليسوا بشرا من لحم ودم وكرامة يعتدى عليهم بعتاد حربي مرعب بهدف تحويل غزة إلى أرض بلا شعب بإخراج جديد لسياسة المذابح والتجريف والاقتلاع والإبادة الجماعية التي اتبعتها الهجانا اليهودية منذ تأسيس دولة الاحتلال بمسمى إسرائيل على أرض فلسطين عام 1948م إلى إعادة إنتاج مذبحة دير ياسين بالألوان الدموية الصارخة، وبتقنية الديجتل الصاعقة في حي الشجاعية يوم الثالث والعشرين من رمضان العشرين تموز 2014م.

يبقى أن صمود غزة في وجه العدوان قد يبدو الجدار الأخير، وقد يكون خطوة وإن لم تكن أولى على طريق تحرير طوييييل ولكن لابد من الأمل وإن طال السفر. ولله الأمر من قبل ومن بعد

والحقيقة أن مقاومة غزة اليوم ليست مقاومة فلسطينية لعدوان الاحتلال الإسرائيلي وحسب بل هي في جوهرها مقاومة لفوبيا الإرهاب بقدر ما هي مقاومة لحالة الاحتراب المريع الذي خلفه الخوف من الربيع العربي. وهي مقاومة أيضا لما بعد عمليات إخماده الشرسة وماجرى فيها من توزيع دماء طلابه من المدنيين بين اظلاف الأنظمة التي انقضت عليه وأنياب القوى القتالية التي استولدت لمحاربته والقوى السياسية التي ركبت على ظهره.

فإذا كانت انطلاقة الربيع العربي في بداياته قد أربكت إسرائيل لتؤجل ضرباتها العسكرية المعتادة على غزة بما ضلل ضعاف الذاكرة منا وجعلهم يلومون الضحية لأنها لم تصعر خدها الآخر للجلاد, فإن دولة إسرائيل العدوة لم تكن لتترك فرصة مآلات الربيع العربي القاضية على كل شرارة منه لتمضي دون أن تقيم لها أعراس فرح دموية.

ولهذان فالمفارقة أنه في نفس الوقت الذي يتصاعد العدوان الإسرائيلي ويزداد شراسة, فإن تواصل صمود وبطولة غزة لأسبوعها الثالث أمام استشراس العدو يتواصل معها خلق واقع موضوعي وحالة ثقافية تعترض ولو بريشة أمل موكب الكبوات الراكض بنا نحو تهاوي الأوطان. وهذا الفعل المقاوم لو جرى الوعي به فإنه قد يخلخل التوجه العربي العام في هذه اللحظة والقائم على قدم وساق بإستبدال الثورات الشعبية والاحتجاج المدني التي أطلقها الربيع العربي بالإحتراب الطائفي والصراع السياسي العرقي والديني والعسكري، أو على الأقل فإنه قد يعمل على تحدى التسليم بهذا التوجه لئلا يكون كقدر لا مفر منه تساق له المنطقة.

والحقيقة أن هذا الموقف الغزاوي الصمودي لعدد من فصائل المقاومة وجميع سكان القطاع هو ما أربك النظام العربي وقلص مواقفه الشجبية المعتادة إلى مادون الحدود الدنيا للاستنكار. بل أنه في الواقع الجم بعض دوله الصمت المطبق على الذبح البواح لإخوانهم مع مصادرة أبسط أشكال الاحتجاج الشعبي على العدوان ومنع التظاهر حتى في تلك الدول التي تسمح أنظمتها في العادة بالتظاهر السلمي.

وإذا كانت بطولة غزة وصمودها أمام العدوان عليها لم تستطع أن تغير رأي مروجي الحلول الاستسلامية والتطبيع من المثقفين العرب في حق المقاومة للشعوب المغلوبة على أمرها كالشعب الفلسطيني, فإن هذه البطولة وهذا الصمود استطاع في ثلاثة أسابيع رمضانية أن يدخل شعب المحتل إلى الملاجئ، ويخرج بعض القوى العالمية على الحياد غير الموضوعي الذي تدعيه الأنظمة الديموقراطية في الغرب وأمريكا الشمالية كما تدعيه دول الموالاة والممانعة معا في النظام العربي تجاه القضايا العادلة كالقضية الفلسطينية. ولهذا، رأينا أن حتى أوعية الأخبار والصحف الغربية القائمة عادة على الحياد غير الموضوعي لم تستطع أن تتستر على وحشية مذابح إسرائيل في غزة كما ظهر مثال منها على الصفحة الأولى للنيورك تايمز يوم الخميس الماضي السابع عشر من هذا الشهر الميلادي. وفي هذا السياق الخارج على الحياد غير الموضوعي تجاه الواقع الجديد لصمود غزة في وجه الإرهاب الإسرائيلي المنظم رأينا اندلاع المظاهرات في شتى عواصم العالم وبعض الولايات الأمريكية كأهايو في تحد كما حدث بفرنسا لذلك الحياد المنحاز ضد شعب يذبح حيا على الهواء أمام العالم بيد الجيش المنظم لدولة الاحتلال الإسرائيلي. ولهذا ما سُئل ذي ضمير من المحللين السياسين الغربيين في البرامج الحوارية عن الحل لهذا الصراع إلا وقالوا إنهاء التحليل.

غير أن النقيض الأخلاقي وليس السياسي وحسب لهذه المواقف المشرفة التي ماكانت لتكون لولا أهل غزة هو تلك المواقف دعية الليبرالية والبرجماتية التي لايعجز أصحابها فقط عن الوقوف مع الحق، بل أيضا يصفقون للباطل. فقد ذكرتني مواقف بعض المثقفين العرب خاصة من المحسوبين على الخط الليبرالي في إدانتهم لمقاومة غزة وتبرئة العدو بموقف رئيس أمريكا باراك أوباما المؤيد تأييدا مطلقا لإسرائيل وإقراره العنصري بها كدولة يهودية على التراب الفلسطيني بمافيه استباقها بتقرير القدس عاصمة لها.

كذلك ذكرني كل من الموقفين بموقف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري المعادي لمقاومة غزة بقوله يوم أمس الأول «إن غزة تضع إسرائيل تحت الحصار». والحقيقة أن تقارب هذه المواقف المعادية للقضايا العادلة مع تباين خلفيات ومواقع أصحابها يوقظ في الضمير ذلك العنوان والمضمون المعبر لكتاب فرانز فانون «أقنعة بيضاء ووجوه سوداء».

لهذا ففي الوقت الذي تتعمد فيه آلة العدو الإسرائلي العسكرية استهداف المدنيين من الأطفال والنساء والشباب اليفع مستقوية بفخاخ التهدئة, فإن هناك من لايخجل من لوم الفلسطينين على تقديم أنفسهم قوافل من الشهداء في مواجهة الاعتداء. كما هناك بنفس خلل الشبكية والبصيرة من يبدو وكأنه يحسب أن أهل غزة شخوص كرتونية تتخطفها «نيران صديقة» وليسوا بشرا من لحم ودم وكرامة يعتدى عليهم بعتاد حربي مرعب بهدف تحويل غزة إلى أرض بلا شعب بإخراج جديد لسياسة المذابح والتجريف والاقتلاع والإبادة الجماعية التي اتبعتها الهجانا اليهودية منذ تأسيس دولة الاحتلال بمسمى إسرائيل على أرض فلسطين عام 1948م إلى إعادة إنتاج مذبحة دير ياسين بالألوان الدموية الصارخة، وبتقنية الديجتل الصاعقة في حي الشجاعية يوم الثالث والعشرين من رمضان العشرين تموز 2014م.

يبقى أن صمود غزة في وجه العدوان قد يبدو الجدار الأخير، وقد يكون خطوة وإن لم تكن أولى على طريق تحرير طوييييل ولكن لابد من الأمل وإن طال السفر. ولله الأمر من قبل ومن بعد

Fowziyaat@hotmail.com

Twitter: F@abukhalid

مقالات أخرى للكاتب