Wednesday 21/05/2014 Issue 15210 الاربعاء 22 رجب 1435 العدد
21-05-2014

مقال أخير

كدت أرسل للسيد رئيس التحرير العزيز رابط مقال الأستاذ عبدالعزيز الخضر المعنون حوار مثقفات سعوديات ليوم الخامس رجب 1435هـ،الرابع أيار2014م المنشور بالجريدة الجديدة مكة، غير أني آثرت إطلاعه عليه عبر هذا المقال لمعرفتي بأن الأستاذ خالد المالك طراز فذ في رؤساء التحرير..

..حيث يقرأ لبعض كتاب الصحيفة ليس فقط قراءة رقابية وتدخلية أو منعية أحيانا بل قراءة استمزاجية وحوارية في أغلب الأحيان وذلك كما يبدو لي نهجه مع ما يجيز وما لا يجيز من مقالات على حد سواء ولا أظن ذلك الموقف خاص بمقالاتي وحسب.

أما إجابة لماذا أردت إرسال رابط http://www.makkahnp.com/makkahNews/2014-02-17-09-03-10/41909

هذا المقال بالذات من مقالات أ.الخضر للأستاذ خالد المالك فهي قد تعنيكم بقدر ما تعنيه، كما أنها قد تعني من طرف بعيد الأستاذ عبدالعزيز كمختص في تحليل التاريخ الاجتماعي والسياسي للمجتمع السعودي.

لقد مضى إلى نهاية شهر إبريل قرابة 3 شهور لم أكتب خلالها في هذا الحيز من صفحة الرأي ليوم الأربعاء إلا لمما موضوعات خارج متوالية مقالات السرد التحليلي لتجربتي الدراسية بالولايات المتحدة الأمريكية كواحدة من أوائل وقلائل المبتعثات (الطالبات البنات), لتلك المرحلة من عمر سياسة الدولة في فتح البعثات الخارجية للطلاب السعوديين إبان الطفرة النفطية الأولى.

ولقد كنت بذلك أروم أن أربط تدوين تجربتي الدراسية في الخارج وتجربة عملي بجامعة الملك سعود وكذلك تجربة عملي (هوايتي) ككاتبة رأي وكشاعرة بالتحولات السيسيولوجية والسياسية من خلال الكشف عن التشابك العضوي والتعالق الجدلي والتقاطع الإشكالي أحيانا بين التجربة الذاتية وبين تيار التحول الجمعي وبينهما وبين الذاتي والموضوعي في تشكيل الأوطان وتطوير الذات الوطنية إن صح التعبير. غير أنه في اللحظة التي كنت قد أرسلت فيها أول المقالات الخاصة بتجربتي في تأسيس قسم الدراسات الاجتماعية بجامعة الملك سعود وشركاتها كان قد عيل صبر رئيس التحرير وبلغ سيل السيرة الذاتية للمشترك الجماعي زبى تسامحه معي في تقبل خروقاتي الصغيرة للعقد غير المكتوب بيني وبين الجريدة كما جرت العادة بأن تقتصر الكتابة خاصة في صفحة مثل صفحة الرأي وفي صحيفة يومية على تناول الأحداث الساخنة وقضايا الرأي العامة. ولذا كما يقال عادة في خطابات لفت النظر الإنذارية فإن علي أن أعود إلى جادة الصواب أو بالأحرى المعتاد في كتابة المقال وإلا، وإن كان خالد المالك أكرم من أن يقول وإلا... فإنني بدوري أشف من أن أتظاهر بأنني لم أسمعها.

كنتُ أرى نقطته خاصة وأن غسان العقبي سبق وأن فاتحني فيها ولكن من زاوية أخرى للنظر وهي استئثاره ولا أقول استخساره أن تُقطر السيرة على شكل مقالات وهي تستحق كما يرى غسان نجلي أن تسكب في كتاب مستقل.

وكنت أرى أهمية أخرى للاعتراض أيضا لأنني كنت أخشى أن تكون كتابتي لسيرة الدراسة والعمل وفي هذه اللحظة الملتهبة من الواقع المحلي والعربي نوع من تجنب التعامل مع المجهول أن لم يكن نفض اليد من مجرى أحداث أصبحت تجري بعيدا عن مواقع المعارضة والمنافحة التي تعلمنا على العمل ضمن معلوم مخاطرها وألغامها ومدها وجزرها.

غير أنني حين بدأت كتابة تلك السيرة الناقصة لم أستبعد أن يكون السرد التحليلي بمثابة المساحة التأملية لاستعادة بدايات ومسيرة مرحلة الشباب المبكر التي مثلها طلاب مرحلة الدراسة الجامعية التي أنتمي إليها بما قد يجعلها امتداد بعد انقطاع للمرحلة الحالية التي مثل شباب اليوم فيها الطلائع التي فجرت الربيع العربي وما يواجهون فيه من مناورات الوعود والاستبعاد عن مجرى تحولاته. وربما لذلك وجدتني أمضي في سرد ذلك المركب المتداخل من السيرة الذاتية والجمعية وكأنني بالسير على شوك الأسئلة الممتدة عبر مرحلة الشباب لعدة أجيال أجد ما نقاوم به هيبة الخيبات المتمثلة في اختطافات الربيع العربي بتلك الصور السياسية المستأسدة والمستفردة التي لا تقل تخلفا عما أراد الشباب الثورة عليه وإن اختلفت الأجيال في الفكر والوسائل.

وربما لذلك وجدتني ممزقة بين رغبة المضي في السرد التحليلي لسيرتي وبين العودة أدراجي سالمة للكتابة الأسبوعية في المواضيع العامة. وإذا كان قرار رئيس التحرير قد ساعدني على التحرر من انقسامي فقد جاء مقال أ. عبدالعزيز الخضر ليعمق ذلك الانقسام ويزيده تعقيدا وتوترا.

فعبدالعزيز وضع يده على ذلك الجرح النرجسي إن صح التعبير الذي رباه الخجل الاجتماعي والتحفظ الجمعي وعُقد شخصية أخرى فينا بما يجعلنا نحجم لتوجس ذاتي أو تحسب موضوعي عن الخوض في السيرة الذاتية لنا ككتاب وككاتبات خاصة، ضاربين بعرض الحائط ما قد ينتج عن ذلك التكتم من تهيئة الساحة لراوية التاريخ الاجتماعي والسياسي رواية أحادية بعيدا عن ذبذبات المشاعر الملتاثة والعقول المستقلة, فتأتي رواية جافة مقطوعة عن تعدد مصباتها العاطفية والفكرية.

وهي في الغالب الأعم لا تمثل إلا صوت ورؤية الطرف الرسمي فقط لا غير.

فعبدالعزيز الخضر رأى في برنامج علي العلياني الحواري مع بعض الكاتبات عن تجاربهن الذاتية في العمل والكتابة تلك المادة الميدانية المليئة على المستوى السيسيولوجي والإبستيمولوجي بأسرار مواربة وتفاصيل صغيرة حيث ينبع ثراؤها أنها في حقيقتها ليست أسرار أو تفاصيل السيرة الذاتية للكاتبة وحسب بل فسيفساء معمارية لسيرة دولة ومجتمع لم تكتب بعد أو لا زالت لتكتب وتروى بعدة أقلام وعدة أصوات.

ورغم ذلك فإنني استجابة لرأي رئيس التحرير وربما للسياسة الرسمية للصحيفة, مضطرة أن عدت للكتابة على صفحة الرأي الأسبوع القادم أن أعود كسابق عهدي قبل هذا الوضع الإشكالي, بمقال ليس له صلة بالسيرة الذاتية وإن كان لن يخلو بطبيعة الحال من لمستي الذاتية لهاجس المشترك الجماعي. هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد.

Fowziyaat@hotmail.com

Twitter: F@abukhalid

مقالات أخرى للكاتب