Wednesday 07/05/2014 Issue 15196 الاربعاء 08 رجب 1435 العدد
07-05-2014

كيف نواجه الكورونا.. وبمن؟

يشكل في هذه اللحظة الحرجة سؤال كيف نواجه الكورونا أو كيف نقاوم الكورونا؟ سؤال مركزي مقلق للسائل والمسؤول وللمواطن والمقيم بل ولمن هم خارج الوطن خشية أن يصدر لهم المرض. وبما أن هذا السؤال المقلق يعد من الأسئلة المشروعة التي يطرحها المواطن اليوم

على المسؤول في محاولة من الأول تحميل الثاني مسؤوليته الوطنية والإنسانية تجاه حياة أفراد شعب كامل، فقد يكون أي منهم/منا الضحية أو الوليمة التالية لهجمة هذا الفيروس فإننا لابد من المصارحة بأن المسؤولية هي مسؤولية مشتركة أي مسؤولية الدولة والمجتمع معا في المواجهة.

فبقدر مايملي علينا الواجب الوطني ألا نجامل في هذا النوع من المسؤولية التي قد يترتب على التهاون فيها التفريط في سلامة وطن، فنقوم بتوجيه أسئلة صريحة وإن كانت غير مريحة بل وحتى مزعجة للمسؤول عن هذه المواجهة، فإن من الحق الوطني ألا يترك الأمر برمته «للجنرلات « أي لتدابير الإداري في القطاع الصحي والتدابير الطبية بينما يستمر قصر الدور السياسي على لعب دور أبوي رعائي ويستمر قصر دور المجتمع على لعب دور تواكلي على تدابير القطاع الصحي بالدولة. وفيما يؤدي الدور الأبوي الرعائي القائم على التطمين وتطييب الخواطر بتحميل قيادة الإدراة الصحية كافة المسؤولية وذلك للتخفيف من وطأة مرارة العجز عن إيجاد حلول جذرية لمسائل هذا القطاع الحيوي المعلقة عبر عقود وأجيال، فإن الدور المجتمعي التواكلي يجعل المواطن يكتفي في الحد الأقصى لتفاعله بتوجيه الملامات إلى «رب الإبل» دون الشعور بمسؤولية المشاركة كطرف فعال في مواجهة المرض أو التفكير في خلق أي شراكات بين المجتمع والدولة للمقاومة ومواجهة الكورونا قبل تحولها لاسمح الله إلى وباء كاسح كما تحذر بعض التقارير الطبية العالمية.

لقد تابعت في برنامج الثامنة لداود الشريان مساءلة في محلها عن تأخر دور مراكز الأبحاث بالمملكة في مواجهة هذه الكارثة بعد مضي عامين من أول جرس إنذار علقته الكورونا في أعناقنا. وإن كنت أعارض تلك الاستعراضية المغرقة في محليتها بمطالبة الاكتفاء بالاعتماد على الخبرات الطبية الوطنية في مواجهة هذا الوباء إذ أن إثبات الثقة في كوادرنا الوطنية لايجب أن ينتظر لتجريبه وقت الأزمات ولا يجب أن يمنعنا من تبادل الخبرات في هذا الوقت العصيب مع ذوي الخبرات التاريخية والمعرفية في المواجهات المشابهة.

ولقد قرأت للدكتورة سحر الحريبي بجريدة الرياض مساءلة في موضعها أيضاً عن تأثير تدني الخدمات الصحية المقدمة للحلقات الأضعف من الفئات الاجتماعية (طبقيا ومناطقيا) وكذلك تأثير عدم المساواة في توزيع الخدمات الصحية على إضعاف الموقف السياسي والاجتماعي معا في الوقوف في وجه انتشار هذا الوباء لاسمح الله. ولقد تابعت ولا زلت أتابع في مواقع التواصل الاجتماعي مئات الآراء المختصرة أو المبتسرة مع وجود الحق مع نسبة كبيرة منها في توجيه مساءلات جادة عن أمور جوهرية تتعلق بمواجهة المرض، ليس مرض الكورونا وحسب بل المرض الاجتماعي المتمثل في شح المعلومة من ناحية وفي انتشار الشائعات في مجتمعنا انتشار الهشيم كأي مجتمع يقل فيه منسوب الشفافية ويزيد فيه منسوب التكتم أو التعتيم من ناحية أخرى . وإلى جانب ماطرحته تلك الآراء من مساءلة حادة عن دور هذا المرض العضال المزمن بمجتمعنا (التكتم السياسي والشائعات المجتمعية ) في ترجيح احتمال إضعاف موقف مواجهة الكورونا، فإنها لم تغفل مساءلة الذات الرسمية والذات الاجتماعية عن مسؤوليتها في سلوكنا السعودي الذي يقوم على «انتظار الكارثة» لريثما يجري تفكير جاد في تحريك الساكن. وكأنهم بذلك يقولون بأننا دولة ومجتمع لانملك تفكيرا استراتيجيا وآلية عملية للتعامل مع الواقع بحس نقدي وتطويري بل ننتظر وقوع كارثة لنبدأ بردات الفعل التي لاتخلو كلما اشتدت الأزمة من الاعتماد على استعراضية إعلامية تؤدي إلى تطيب الخواطر وترميم ماتأثر من هيبة الصورة الإعلامية عنا أكثر مما تؤدي إلى معالجة حقيقية للكارثة نفسها أو لأسبابها المزمنة على الأغلب.

أما مابقي من محاولة البحث في سؤال المقال كيف نواجه الكورونا وبمن فإنني أوجه به عدة نداءات عاجلة ملتاعة وآمل أن أجد ردا ولو رمزيا على صفحة هذه الجريدة ممن قد يهمه أمر هذا النداءات.

نداء رقم واحد وأرجو ألا يكون بشؤم بيان رقم واحد: يا أمانة منطقة الرياض يابلديات كل حي وكل موقع وكل منطقة بالمملكة . هل يتخلى أحد المسؤولين عن مكتبه ساعة واحدة في اليوم وأخذ جولة في أرقى أحياء الطبقة المتوسطة ولانقول فقط الطبقة الدنيا من السلم الاجتماعي ليرى بأم عينه وأبيها أكوام أكياس النفايات وأكوام تناثرها تتطفح بها الحاويات إن وجدت، عدا مستنقعات المجاري التي لايكاد يخلو منها حي من أحياء المملكة إلا أحياء التسعة نجوم.

النداء الثاني، يا أهل الأحياء أليس منا إنسان رشيد ليساهم شبابنا وشاباتنا وليس فقط السائقين والخدم لتفقد نظافة الأحياء وللعمل على توفر حد أدنى منها.

بصراحة وثقة أقول إنني لا أستبعد أن يعود إلينا الطاعون والجدري وتخرج علينا الحيايا والثعابين وأوبئة لا قبل لنا بها إن استمرينا غارقين وأقول غارقين في نفايات أحيائنا .

وبصراحة أقول إن سبل مواجهة الكورونا وسواها من الأوبئة الشرسة مثلها لن تكون إلا ضربا من ضروب الكلام الإعلامي المجاني إن استمرت أجمل الفلل في أحياء فارهة ناهيك عن بيوت آيلة للسقوط في الأحياء الرثة ترتع في عملية شفط «بيارات» الصرف الصحي يوميا على مدار الشهر في بيوت الأحياء بيتا تلو بيت.

نداء للأهالي بتشكيل لجان من شباب الأحياء لمقاومة الكورونا بسوى الكلام برعاية المسنين فيها بتوفير رعاية للأطفال بخلق حالة بديلة للتجمعات العائلية والتكالب اليومي بغرض أو بغير غرض على الأسواق ومطاعمها العائلية للوجبات السريعة.

قرأت من قال بالنظر في إيقاف العمرة إيقافاً مؤقتاً بالطبع، وإيقاف تجمعات الأستادات الرياضية والاحتفالات الجماعية، وإيقاف عاداتنا في التقبيل عند اللقاء والوداع خاصة عادة حب الخشوم، لعل ما ذكرت وأكثر يخفف من حالات احتدام الوباء.

نداء أيضاً لوزارة التربية والتعليم خاصة بأن لها دورا مهما في كيفية مواجهة أطفالنا وشبابنا الصغار لهذا الوباء.

وأخيراً، نسأل الله أن يقي البلاد والعباد مخاطر هذا الوباء ونتكاتف دولةً ومجتمعاً في شراكة مقاومة الكورونا وسواها من أوبئة البيئة والصحة والسياسة والثقافة والاجتماع.

ولله الأمر من قبل ومن بعد.

Fowziyaat@hotmail.com

Twitter: F@abukhalid

مقالات أخرى للكاتب