Sunday 27/07/2014 Issue 15277 الأحد 29 رمضان 1435 العدد
27-07-2014

الشؤون الإسلامية .. ومواجهة الفكر الداعشي !

لا يصح أبدا أن يُواجه الفكر الداعشي المتطرف، والقائم على العنف، بفكر تسامحي قائم على المجاملة، والمداراة؛ لأن أهواء هذه الفرقة، وشذوذ مظهرها، واندفاعها في إصدار الأحكام المسبقة، دون دليل شرعي، أو معيار خلقي، ودون مراعاتها لتغير الظروف، والأحوال، كان سببا في نشوء تلك العقليات المنغلقة على ذواتها - فكريا وسلوكيا -، وإرهاق العقل بأفكار تدميرية، مع أن أصل الدين - في ذاته - لا يعرف التطرف.

حسنا فعلت وزارة الشؤون الإسلامية، حين تعهدت بالعمل على تعرية أجندات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، والشام «داعش»، بما في ذلك موضوع «الخلافة المزعومة»، وذلك من خلال منابر الجمعة، ومنصات العمل الدعوي، والذي يأتي امتدادا لمجهودات خطبائها، وأئمتها، ودعاتها في تعرية «خوارج العصر»، فالوزارة - في تقديري -، هي من تملك الأداة التي تمكنها من إسقاط هذا الحكم - علما وفقها وفكرا -. ولأن سنة الله لا تحابي أحدا، فإننا - اليوم - أحوج ما نكون إلى من يقوّم أفكار هذه الفئة المنحرفة، ويصون شبابها من مفاهيمها المغلوطة، وسبلها المعوجّة، وذلك عن طريق منبر الجمعة، والعمل الدعوي، والتركيز على تكثيف التواجد - من خلال - وسائل الإعلام الجديد؛ من أجل ترشيد الخطاب الديني، والذي يجمع بين الاستفادة من التراث القديم النافع، والحديث الصالح، والتجديد في فهم الأصول، والتيسير في تطبيق الفروع.

في المقابل، فإني لأعجب من بعض تفسيرات غير بريئة في تبرير أعمال هذه الفئة المارقة عن الدين، واعتباره نوعا من الجهاد، مع أن فكرهم الإرهابي المتطرف، يستبيح دماء الأبرياء، وقتل الأرواح دون وجه حق، بل والعمل على ترويع الآمنين، وتهديد السلم الاجتماعي، والإفساد في الأرض. ويكفي أن يتسائل صاحب العقل الرشيد، من أين أتت «داعش» بالنصوص الشرعية التي تبيح قتل النفس البشرية؟، ومن أين تلقوها؟، ومن أين يستقي هؤلاء المتطرفون دينهم الذي يدعونه، وينتسبون إليه؟.

إن صحة موقف وزارة الشؤون الإسلامية، وصواب قرارها، يستدعي ترسيخ هذه المفاهيم عن طريق الورش العلمية، والدورات التدريبية، والعمل على نشر البحوث، والدراسات التي تصب في هذا الجانب؛ من أجل تبصير المجتمع بمخاطر هذه الأفكار، وتعريفهم بسماحة الإسلام، ووسطيته، واعتداله، ونبذ كافة أشكال العنف، والتطرف، والإرهاب، - خصوصا - وقد اكتوينا بنار التكفير، والتطرف، فلا مجال للتسامح، وإحسان الظن مع هكذا أفكار بعد اليوم.

لا بد من التذكير، بأن الإسلام بريء من الفكر الداعشي، الذي شوّه الدين، وعاث في الأرض فسادا، ودمارا، وسفكا للدماء البريئة، فعملوا عن قصد؛ لإلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام، ومنحت أعداءنا الذريعة لمحاربته، بل وتوجيه ضربات الغرب إلى نظم سياسية، كانت حاكمة في بلاد إسلامية، وعربية، كما حدث في دول عديدة. وهذا ما جعل بعض المنابر المنحرفة، تدافع عن حق الجماعات المتطرفة في الوجود السياسي، وانحيازهم إلى إشاعة تفسيرات دينية متطرفة؛ لأسباب شتى.

drsasq@gmail.com

باحث في السياسة الشرعية

مقالات أخرى للكاتب