Wednesday 30/07/2014 Issue 15280 الاربعاء 03 شوال 1435 العدد
30-07-2014

تقرير جولدمان ساكس والسوق المحلي

أصدر بنك جولدمان ساكس، تقريره الفصلي الإستراتيجي الذي حذّر فيه من إمكانية تراجع الأسواق العالميَّة والسندات خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وبالرغم من أن التقرير لم يأت على ذكر السوق المالي السعودي، إلا أنه من المحتمل أن تظهر بعض التحليلات التي قد ترى بأن أيّ تراجع بالأسواق العالميَّة قد يؤثِّر على السوق المحلي أو حتَّى أسواق الخليج عمومًا.

ومن المهم بداية توضيح ما يمكن فهمه من تقرير البنك المعروف بثقله عالميًّا بأسواق المال، فهو يبدو كأنه نظرة فنيَّة لحركة الأسواق العالميَّة أكثر من أيّ أمر آخر يؤثِّر باتجاهات الأسواق كنمو الاقتصاد أو أرباح الشركات، فالأسواق الأمريكية التي تُعدُّ قائدًا للأسواق العالميَّة حققت ارتفاعات فاقت 150 بالمئة منذ انهيارها عند ظهور الأزمة الماليَّة العالميَّة، وحققت مستويات جديدة لها كمؤشر الداو جونز الذي ارتفع في أقلِّ من سبعة أعوام من مستويات تقارب 7000 نقطة إلى ما يفوق 17100 نقطة، وبالرغم من أن مؤشر الداو يقف عند اعتاب 17000 نقطة حاليًّا إلا أن مكرر السوق مازال عند 17 مرة، وهو معدل طبيعي وجيد ولا يمثِّل أيّ مخاوف كبيرة على المستثمرين، وهذا ما يعزز أن التقرير مال إلى الجانب الفني الذي يعتمد على حاجة السوق لاسترجاع زخمه من خلال هبوط تصحيحي مقبول، بل إن التقرير ربط بين توقعات بيع السندات الحكوميَّة التي ستُؤدِّي إلى بيع جزئي بسوق الأسهم، كما أنه من المهم التذكير بأن الفيدرالي الأمريكي سينهي عمليات التيسير الكمي بشهر أكتوبر المقبل، وهذا يعني أن المستثمرين سيولدون السيولة من خلال عمليات تصحيح ليعاودوا الشراء مرة أخرى مع تخفيف المؤشرات لتضخمها، وهو ما يعد من العوامل الصحيَّة بالأسواق عامة، خصوصًا أن البنك أعطى نظرة محايدة وليست سلبية لأسواق المال. كما أن حالة التحسن الجيدة التي ظهرت بالاقتصاد الأمريكي، التي أدت لقرارات الإسراع بتوقيف برنامج التيسير الكمي وتحديد موعد رفع أسعار الفائدة العام المقبل بنسب أعلى من التوقعات السابقة له دلالات جيدة أتت من تحسن معدلات البطالة التي تتسارع وتيرة انخفاضها خصوصًا أن الاقتصاد الأمريكي ولد 200 ألف فرصة عمل خلال الخمسة شهور الماضية، وهي من أعلى المعدلات منذ تسعينيات القرن الماضي، كل ذلك ألغى كثيراً من الضبابية التي كانت تغطي الاقتصاد الأمريكي وتُؤثِّر على الاقتصاد العالمي، كما أن أوروبا أخذت قراراتها الجريئة بسياستها النقديَّة لاحتواء كل بقايا تأثيرات الأزمة عليها وبدأت بعض الدول فيها التي كانت الأكثر تضررًا تظهر انتعاشًا بطيئًا، لكنه جيد قياسًا بوضعها السابق، مما يعني أن أوضاع الأسواق الماليَّة كانت ملائمة لضخ الاستثمارات وواصلت ارتفاعها ولكنها بالتأكيد ستحتاج لتصحيح فرعي يعيد لها القوة أكثر بالمرحلة المقبلة. أما ما يهمنا من تأثير كل ذلك على اسوق المحلي، فإنَّ أيّ ربط بين ما قد يحدث بالأسواق العالميَّة وحركة السوق المحلي حتَّى لو شهد تراجعات مستقبلاً يبقى ضعيفًا، لأن معطيات السوق الحالية لها عوامل دعم مختلفة عن الخارج، فمن حيث نمو الأرباح بعد ظهور نتائج النصف الأول نجد أنها فاقت كل التوقعات، مما يؤثِّر إيجابًا على مكررات الربحية المستقبلية تحديدًا للعام الحالي وحتى القادم، التي قد تكون بمستويات دون 14 مكررًا دون حساب لإضافة أيّ شركات جديدة للسوق كالبنك الاهلي، الذي سيكون تأثيره كبيرًا وإيجابيًّا على السوق، إضافة لدخول شركات كبرى عالم الأرباح ونموها وتحسن أرباح شركات، إضافة خطوط إنتاج أو في طريقها لذلك قريبًا حسب ما أعلنت مع تخلص السوق من الظواهر السلبية التي أفرزتها شركات رغم صغرها، إلا أنها سحبت سيولة مضاربية لها بالسنوات الماضية واتضح أنها كانت شركات ضعيفة والإشارات التي بدأت تضعها هيئة السوق بجانبها ستحولها إلى شركات خاملة إلى أن تصحح أوضاعها.

كما أن القرار بفتح السوق للاستثمار الأجنبي المباشر من الخارج ظهر أثره سريعًا بارتفاعات قوية أعادت مؤشر السوق إلى ما فوق 10 آلاف نقطة وبتدفق سيولة كبير، ويضاف لكل ذلك العامل الأهم وهو نمو الاقتصاد الوطني نتيجة الإنفاق الكبير فيه الذي يؤثِّر على معظم قطاعات السوق مما يوضح أن العوامل الإيجابيَّة تبقى ذات أثر أوضح من أيّ عوامل سلبية على السوق.

الأسواق عمومًا حساسة وتغير اتجاهاتها مؤقتًا وفق أيّ أحداث مستجدة، إلا أن المسار الرئيس يبقى قويًّا وثابتًا ويعود السوق له سريعًا، كما أن التصحيح أو جني الأرباح هي عوامل صحيَّة للأسواق وتجديد للفرص فيها، ويبقى قرار المستثمر خاصًا به وهو من يحدد اتجاهه بالاستثمار، ويفترض أن يكون وفق معطيات أساسيَّة وماليَّة تتناسب مع وضعه وتخطيطه وليس بتأثير عاطفي مؤقت يتبع فيه اللون الأخضر أو الأحمر لمؤشر السوق أو سعر السهم، بل من خلال حسابات اقتناص الفرص وفائدتها له على المدى المتوسط والبعيد، أما المضارب فلا يعنيه كل ما ذكر لأن المضاربة لها إستراتيجية مختلفة وبكل أحوال السوق توجد فرص للمضاربة.

وكل عام وانتم بخير

مقالات أخرى للكاتب