Saturday 02/08/2014 Issue 15283 السبت 06 شوال 1435 العدد
02-08-2014

توظيف مفردة المنافقين سعياً لتقسيم المجتمع!

يسعى أصحاب التوجهات المعادية للوحدة الوطنية منذ زمن طويل لتصنيف المجتمع من أجل تقسيمه إلى فئات متناحرة منشغلة عن البناء والتشييد بتلك التوافه التي لا تضر إلا بوحدة الوطن ولا يستفيد منها إلا الأعداء. لا يملون في سعيهم ولا يسأمون فكلما خابت مساعيهم في طريق سلكوا طريقاً آخر. المهم لديهم تحقيق أهدافهم ومن يوالونهم.

كان الاتجاه سابقاً لتصنيف المجتمع وفق تسميات كثيرة، فأنت تسمع من بعض الخطباء والوعاظ تصنيفات للمتدينين، فهذا سلفي وذاك جامي والآخر إخواني، ثم تأتي تصنيفات من يرونهم غير متدينين أو عصاة إلى ليبراليين وعلمانيين وتغريبيين. وحالياً تم إدخال تسمية المتصهينين, ولا يكتفون بتصنيفهم وفرزهم عن الصالحين بزعمهم بل يشبعونهم بوابل من الدعاء عليهم بوصفهم عملاء ومعادين للدين وأهله. الغرض هنا ليس نصرة الدين في كل الأحوال وإنما لإعلاء شأن الجماعة الخفية كي تبقى وحيدة في الساحة توجه المجتمع وتتمكن من كل المفاصل المؤثرة.

التصنيفات السابقة انكشفت ولم تعد تنطلي على أصحاب الأفهام السليمة، بل إنها تحولت لدى الكثيرين إلى لقطات تبعث على السخرية من مطلقيها كوننا في هذا البلد ننتمي إلى دين الإسلام مهما اختلفت توجهاتنا الفكرية, وعلى اعتبار أن الاختلاف ظاهرة صحية تؤدي في نهاية الأمر إلى تقدم المجتمع وتطوره, وأن الناس أيضاً درجات في التدين. وقد تنبهت قيادة هذه البلاد في وقت مبكر إلى عملية الترويج المقصودة لهذه التصنيفات وخطورتها فحذرت منها ودعت الناس إلى الابتعاد عن كل ما يدعو لشرذمة المجتمع.

ولأن أصحاب الأجندات الخفية يهرولون دائماً لابتداع أي وسيلة تخدم توجهاتهم وتحقق أهدافهم لتقسيم المجتمع وإمعاناً لتكريس الاصطفاف المجتمعي، فقد رددت في الآونة الأخيرة مفردة «المنافقين» في خطب وأحاديث وعاظ، وفي دعاء القنوات. وهي في نظري وسيلة أشد خطورة لتصنيف المجتمع إلى صفين, الأول صف الصالحين «غير المنافقين» من وجهة نظرهم, والثاني صف غير الصالحين «المنافقين»، لتكون المواجهة داخل الوطن بين صفين بعد أن كانت -كما أسلفت - صفوفاً كثيرة يصعب التمييز بينها. أحد خطباء الجمعة عمَّم فلم يخصص وحذَّر من المنافقين الذين يسعون لإفساد المجتمع ودعا عليهم, وهنا سيستقبل البسطاء هذا الطرح بالتصديق، وهذا ما يسعى له هؤلاء لنشر الكراهية والعداوات والبغضاء التي تؤدي إلى العنف ضد من يسمونهم منافقين, وقد تشمل هذه القائمة السوداء - بحسب تصورهم - مسئولين في الدولة وإعلاميين ومثقفين وأدباء ورموزاً وطنية وعلماء، بوصفهم أعداء للدين أو مداهنين مثل من يسمونهم بعلماء السلطان، وكأن المجتمع إلا فئة قليلة منه مجتمع منحل عبارة عن زمرة من العصاة يمارسون الرذائل والفسوق والفجور.

في الحديث الذي رواه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «آية المنافق ثلاث, إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان» متفق عليه. إذا أخذنا هذا الحديث مقياساً سنعتبر مثل هذا الخطيب منافقاً لأنه يكذب على الناس بتدليسه عليهم, وسنعتبر الإرهابي المنظم لجماعات داعش والقاعدة منافقاً لأنه خان وطنه، بينما من يصرح بتوجهه ولا يبدو مزدوجاً في سلوكه غير منافق لأنه يظهر ما يبطن.

تنقية الخطاب في مساجدنا وجوامعنا من هذه المفردات النشاز مسئولية وزارة الشئون الإسلامية، فهل تبادر لهذا العمل قبل أن يستفحل الأمر؟

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب