Saturday 02/08/2014 Issue 15283 السبت 06 شوال 1435 العدد
02-08-2014

هل نجحت النماذج الميكانيكية للاقتصاد المعاصر في استقرار الأسواق..؟

بعد الأزمة المالية عام 2008 اتخذت تدابير كان أهمها زيادة بعض المتطلبات في رأس المال ولكنها كانت أقل كثيراً من المطلوب لذلك تم غض الطرف عن بعض المشتقات المالية الخطرة التي يسميها البعض بأسلحة الدمار المالي فلا تزال تتداول في الأسواق الغامضة غير الرسمية مما يعرض أضخم المؤسسات المالية للخطر.

فبعد أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة تكفلت الحكومة بتمويل أكثر من 90 في المائة من كل قروض الرهن العقاري ولكن لم تتمكن إدارة الرئيس أوباما من التوصل إلى نظام جديد كفيل بضمان الإقراض المسؤول بشروط تنافسية مما أعاق نمو الأسواق.

فشبه الانهيار لم يكن فشلاً للرأسمالية بقدر اعتباره فشلاً ناجماً عن فهم النماذج الاقتصادية المعاصرة لدور الأسواق المالية وطريقة عملها التي تتسبب في عدم استقرار أسعار الأصول وليس شرطا أن يأتي المستقبل كنتيجة ميكانيكية لأخطاء الماضي ولكن هناك تياراً رئيسياً من محترفي مهنة الاقتصاد يصرون على الاستعانة بالنماذج الميكانيكية السابقة باعتبار اأنها لا تزال صالحة في الوقت الحاضر وفي المستقبل، فالبعض يصر على أن حزمة التحفيز المالي الأمريكية التي بلغت 800 مليار دولار في عام 2009 كان ينبغي أن تتضاعف إلى ثلاثة أمثالها.. أي أن هناك اعتماداً مفرطاً على السياسة النقدية غير التقليدية والتي تعتبر آثارها على الاقتصاد غير مؤكدة مثل آثار الحوافز في المالية العامة، فلا يزال منظمو السياسة النقدية يؤمنون إيماناً استثنائياً بكفاءة السياسة النقدية، وهناك قلق من خطر آخر وهو أن تفكيك السياسة النقدية غير التقليدية والزيادة اللاحقة في أسعار الفائدة.

لهذه الأسباب انقسم صناع السياسة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي حول جدوى إبطاء عملية الشراء الشهرية للأصول بمبلغ 85 مليار دولار في سبتمبر 2013 ما يبرز الصعوبات التي تواجه جانيت ييلين التي خلفت برنانكي في رئاسة الاحتياطي الفيدرالي في وقت تصاعد القلق حول المأزق السياسي في واشنطن وخطر إعسار الولايات المتحدة.

كل هذه النماذج الميكانيكية للاقتصاد المعاصر في ظل اعتبارات ادارة المخاطر تتطلب اتخاذ منهج حذر، لذلك حذر صانعو السياسة في البنك المعارضين الإبقاء على المشتريات من أن يعمل التأخير على تقويض الصدقية أو إضعاف إمكانية التنبؤ بالسياسة النقدية.. وهناك فريق ثالث يطالب التركيز على الانسحاب التدريجي من مشتريات سندات الخزانة الأمريكية بدلاً من شراء الأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية.

فالقضية هي في إصلاحات السياسات الضرورية التي أصبحت أكثر تعقيداً ولا توجد مكاسب سهلة كما أن فشل السياسيين الأمريكيين في حل خلافاتهم حول الميزانية والدين العام ومن المؤكد أنه سيعيق التعافي في الولايات المتحدة الأمر الذي سيسبب اضطرابا أوسع على النطاق العالمي ومثل تلك الاضطرابات تسببت في مسارعة المستثمرين إلى خروجهم من سوق سندات الخزانة الأمريكية وفي وقت تزايد فيه القلق من حدوث جيشان في الأسواق في حال أدى الفشل في رفع سقف الدين إلى عجز عن سداد الديون الأمريكية.

فالصورة العامة التي تم تقديمها هي أن هناك صعوبة في استعادة توازن نمط النمو العالمي ولا زالت الديناميكية المحسنة متواضعة في الأسواق ذات الدخل المرتفع وعلى رأسها الولايات المتحدة بينما الديناميكية المخفضة في عدد كبير من الدول الناشئة لا زالت محيرة.

Dr_mahboob1@hotmail.com

أستاذ بجامعة أم القرى بمكة

مقالات أخرى للكاتب