Sunday 03/08/2014 Issue 15284 الأحد 07 شوال 1435 العدد
03-08-2014

يا لا لا له: عيدكم مبارك

بعد سنوات من الغياب عن عيد القرية حضرته هذا العام، وكالعادة فإن ما يبهج في مثل هذا العيد هو عودة اللقاء بأفراد الأسرة والأقرباء والاصدقاء. أبرز حدثين شدا انتباهي في عيد القرية هما طعام الإفطار المشترك والعرضة الشعبية.

بعد صلاة العيد وفي مقر شيد بجانب مسجد القرية المجاور لساحة صلاة العيد فردت سفرة الطعام، أنواع وأشكال مختلفة، تشاركت العوائل في إحضارها. الجميل فيها كانت الأطباق الشعبية مثل الخبز البلدي والعصيد والعيش والسمن والمعرق وجميعها أكلات شعبية تشتهر بها المنطقة. بعض تلك الأكلات متعب و مجهد في صنعه، لكن - كما علمت- أصبح الأمر ميسراً بوجود أسر تخصصت في عمل الأكلات الشعبية بالمنطقة وبيعها وهذا ما أعاد وهج تلك الأكلات لتصبح حاضرة في كثير من مناسبات القرية. أعجبتني الفكرة رغم نزعتها الاستهلاكية التي تشجع الأسر على شراء طعامها بدلا من صنعه، لأنها فكرة داعمة لمفهوم الأسر المنتجة بشكل ما أو بآخر. أرجو أن تتبنى إحدى الجهات تلك الفكرة ليصبح هناك مطاعم شعبية حقيقية تقدم من خلالها تلك الوجبات بصنع سيدات محليات. وأقصد شعبية حقيقية، أي تقدم الوجبات الشعبية للمنطقة من صنع سيدات المنطقة وليس مجرد الكبسة التي يصنعها العمال الأجانب.

الحدث الثاني الذي كان اختفى منذ عقود في احتفالات القرى هو العرضة الشعبية، والتي يحضر لها عدد من الشعار الجهابذة في فنهم و منطقتهم، يطربون الحضور ويزيدونهم نشوة حتى يتباهى الراقصون بالسيوف والجنابي والمشاعيب.

لم أستوعب كثيراً من القصائد ولم أشارك في العرضة لعدم معرفتي بفنونها للأسف. محور القصائد هو الفخر بالوطن و القبيلة والقرية وتحاور يصل مرحلة التحدي بين فريقين من الشعار كل يعتد بنفسه وقدراته ويقلل من قيمة وقدرات الطرف الثاني. يمتاز شعر العرضة الجنوبي بموازين مميزة حيث تبدأ القصيدة بلا لا لا وتنظم على ما يعرف بالبدع، ثم الرد حيث يبدع شاعر ويرد آخر. قافيتها ليس بالضرورة تنتهي بحرف محدد كما في الشعر المعتاد، وإنما لكل بيت نهايته وعلى الشاعر الذي يأتي بالرد أن يتبع نفس القوافي الواردة في البدع وإن اختلفت المعاني، وهذا إبداع يحتاج موهبة لا يجيدها سوى شعراء المنطقة.

رغم ذلك الهيكل التنظيمي المختلف لقصيدة العرضة ورغم أن المنطقة تزخر بأدباء وعلماء اجتماع أكاديميين وغير اكاديميين على مستوى المملكة والوطن العربي، فإنهم لم يستطيعوا أو لم يسعوا إلى تقديم دراسات حول أوزانها الشعرية وتبسيط لغتها لتقارب الفصحى في مفرداتها، ولم توجد دراسات أنثرولوجية واجتماعية لسبر تاريخ وتطور العرضة وغيرها من الفنون المشابهة، كمدخل لتطور المنطقة.

لقد ظهر فن الموشحات بشكل مختلف عن البناء التقليدي للقصدية العربية، وحينما روجعت قواعده وعرفت أوزانه المختلفة اصبح ذا شأن في القصيدة العربية، فلماذا لم يحدث مثل ذلك بالجزيرة العربية، لينتج لنا فناً أو لونا مختلفا عن السائد بشكل قابل للانتشار خارج بيئتنا المحلية الضيقة؟

هو تساؤل ينطبق على فنون الشعر والعرضات والرقصات بجميع المناطق، حيث ما زرت مدينة أو منطقة إلا وجدت لديهم فنا مختلفا يدل على ثراء الموروث الذي أخشى أننا سنكرهه أو ننبذه إن بقي مجرد وسيلة مدح وهجاء وتفاخر قبائلي ومناطقي وبلغة ومعان لا يفهمها سوى أهل المنطقة الأقحاح.

السؤال الأخير والمهم؛ ما هو التحليل الاجتماعي - الدوافع، المحفزات، والمعاني- للتغيرات التي حدثت في طريقة احتفاليات القرى؟ هل ما يحدث يمثل تطورا وتحضرا أم نكوصا للماضي؟ هل هو إيجابي أم أنه له سلبياته المجتمعية المختلفة؟.

malkhazim@hotmail.com

لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm

مقالات أخرى للكاتب