Monday 04/08/2014 Issue 15285 الأثنين 08 شوال 1435 العدد
04-08-2014

مصطفى محمود يسرقني وهو ميت!

كتبت ذات صباح وأنا في مقر دراستي في دبي تغريدة جريئة وصادمة تقول «إذا رأيت الناس تخشى العيب أكثر من الحرام، وتحترم الأصول قبل العقول، وتقدس رجال الدين أكثر من الدين نفسه.. فأهلا ً بك في السعودية» نالت حينها عدداً كبيراً من «الريتيويت» وأذكر أن صديقتي الفلسطينية استوقفتني بعد قراءتها في إحدى ممرات الجامعة لتسألني عمّا إذا كان مسموحاً في مجتمعنا السعودي المحافظ أن نتحدث بلغة جريئة ونعبر بدون قلق وتهيب، فأجبتها أن سقف الحرية في مجتمعنا قد ارتفع ومساحة التعبير قد توسعت.

وبعد أشهر من كتابة التغريدة الموثقة باسمي بتاريخ نشرها في توتير، أتفاجأ بأنها اقتسبت ونسبت أولا ً إلى الإعلامي محمد الشقيري، وبعد ذلك إلى العلامة القدير والكاتب المصري الشهير مصطفى محمود، والذي أكنّ له كل حب وإعجاب وتقدير، وانتشرت باسمه مثل النار في الهشيم، لدرجة أنك بمجرد ما تطبع بداية العبارة في محرك قوقل ستجده يكملها لك، ويمطرك بعشرات الصور لمصطفى محمود مرفقة بتلك العبارة، بعد أن تم تغيير آخر كلمة فيها من «السعودية» إلى العربية لتتناسب وتنطبق على جمهور بحجم أمة.

شعرت في بداية الأمر بغضب شديد جراء سرقة ما أنتجه عقلي وقلمي ولقيت عليه قبل سرقته ثناءً ومدحًا، واكتشف بعد شهور بأن شخصاً ما في هذا العالم شعر بأن فتاة عشرينية ليست مؤهلة كفاية لصياغة عبارة مختصرة ومؤثرة مثل تلك، فقرر نسبها إلى عالم عرف عنه قوة العبارة وجزالة المعنى ودقة الوصف، غير مبال ٍبالحقوق الفكرية لأي طرف. الغريب في الموضوع أن العالم مصطفى محمود توفي عام 2009 والعبارة تم انتشارها بقوة عام 2012 أي بعد ثلاثة أعوام من وفاته رحمه الله ما يجعل السؤال مفتوحا ًعن كيفية انتشار عبارة بعد وفاة شخص مضي أكثر من ألف يوم على وفاته.

لدرجة أني خضت تحدياً أعرف نتائجه سلفاً مع صديقتي المصرية التي ادعت أنها سمعت تلك المقولة له بنفسها في برنامجه الشهير «العلم والإيمان» وحين طلبت منها تزويدي بذلك المقطع الذي ذكرت فيه تلك العبارة بالتحديد لم تستجب بل تحاشت فتح الموضوع معي مرة أخرى.

للأسف الشديد أن كثيرًا من الحقوق الفكرية تم تجاوزها واختراقها بعد تنامي نجم توتير، لنشهد حالة من الفوضى في الإنتاج الأدبي غير الموثق بالأسماء الحقيقة لمؤلفيه أو نسبه على غفلة لأشخاص آخرين حسب مزاج السارق. وما حالتي إلا مثال وسط عشرات بل مئات الحالات التي عانت من التشكيك بسب صغر سنها وغضاضة تجربتها أمام عمالقة وجهابذة الأدب.

وإن كان الدكتور مصطفى محمود حيا ً أو غيره من الأدباء العظام ما كانوا سيرضون بأن ينسب لهم عبارة أو بيت شعر أو حتى كلمة وإن كانت من باب المحبة والتقدير لأقلامهم الجريئة، فما بال محبوهم يقدمون على ذلك؟

أخيراً ومن هذا المنبر افتح تحدياً لكل من يشكك بأني من كتب تلك العبارة المتواضعة، بأن يأتي لي بأحد كتب الدكتور مصطفى محمود التي ذكرت فيها هذه المقولة أو مقاطع صوتية أو مصورة شريطة أن تكون طبعت أو سجلت قبل عام 2012 لكيلا يتم تعديلها عن جهل أو عدم دراية بإضافة هذه العبارة ظناً منهم إنها من إنتاج الدكتور.. ولله من وراء القصد.

Twitter:@lubnaalkhamis

مقالات أخرى للكاتب