10-08-2014

اللوم سمة ضعف ونقص

ظلت سمة «اللوم» سمة ملازمة للإنسان منذ البدايات الأولى لتكوينه، وهي سمة نقص تتجلى في البراءة من تبعات المثيرات التي يستجيب لها الإنسان استجابة غير مناسبة، على الرغم من أنه يتمتع بقدرات عقلية متنوعة تمكنه من إدراك ما يواجهه في حياته اليومية من متغيرات ومثيرات، فهو يفهمها ويعرف مآلاتها، وهذا ما يجعله قادرا على تحمل تبعات ما يقدم عليها من استجابات لتلك المتغيرات والمثيرات.

لكن لغلبة سمة النقص الملازمة للإنسان والمتمثلة في «اللوم»، لا يتوانى عن التخلي عن دوره في تحمل مسؤوليته تجاه ما يتخذه من مواقف وقرارات خلال تفاعله مع المثيرات التي يتعرض لها، لذا تجده يسعى جاهدا دون تردد إلى من يتدثر تحت عباءته ويحتمي به، ليحمله مسؤولية القرارات الخاطئة، والمواقف المخالفة، مخليا نفسه من التبعات المترتبة عليها، والتي لا تسقط عنه لمجرد أنه يعتقد أن الآخر هو من يتحمل وزر تلك النتائج والتبعات.

أول صور الامتحان والابتلاء تمثلت في عدم التزام «آدم» عليه السلام بتوجيه الله سبحانه وتعالى له بأن لا يقرب نوعا من أنواع شجر الجنة، وبعد أن نجح الشيطان في التزيين «لآدم» تناول ما نهيا عنه، وذلك بعد أن اغترا به وأطاعاه، وكانت هذه أولى خطوات الشيطان في حمل آدم على الزلل، والهبوط إلى الأرض والاستقرار فيها، والتدثر بلوم الشيطان الذي قالها صراحة: لا تلوموني، بل لوموا أنفسكم لتهافتكم علي، رغم العداوة الصريحة بيني وبينكم، حقا هل رأيتم أسمج من بني آدم عامة في إصرارهم على اللوم على أفعال يرتكبونها وأعمال يصرون عليها على الرغم من علمهم التام بكونها مجانبة للحق والصواب، ومع هذا يمارسونها بكل بجاحة ثم يلقون باللائمة على الشيطان أو غيره باعتباره من زين لهم هذا وسهّله.

هذه هي سمة الإنسان الغالبة عليه «اللوم»، لنقف مع الذاكرة البعيدة والقريبة، لنقف مع مخزونها الهائل من الأحداث المفجعة، والمآسي المحزنة، والتي ما زالت تترى وتتوالى على المنوال نفسه، تفجير وقتل وسفك دماء، تدمير للمنشآت والبنى التحيتية، هاهم الصهاينة يدمرون غزة ويحرقون الحرث والنسل، والضمير العالمي والعربي تحديدا في سبات عميق، همه الأول توجيه أصابع الاتهام للمتسبب الأول عن هذه الكارثة، من أجل إيجاد مدخل للومه وتحميله وزر ما حصل من دمار وخراب.

وبعد أن خبا تنامى تداول أفكار القاعدة بين الشباب، يتنامى الآن فكر وأفكار فرقة هي أشد انحرافا من القاعدة وأبشع منها، إنها داعش الصنيعة القذرة لصهاينة أمريكا وإسرائيل، وروسيا وصفوية إيران، اليد القذرة التي تسعى عامدة إلى تشويه الإسلام بممارسات لا تخطر على عقل بشر، ممارسات تتنافي مع هدي الإسلام وقيمه وأخلاقه، صنعت «داعش» وجندت كي يقال هذا هو الإسلام، انظروا ماذا يفعلون بالناس، بينما هم في الحقيقة أدعياء دخلاء، لا علاقة لهم بالإسلام، ولا صلة لهم به، ومع ذلك تهافت جمع من الشباب المسلم على هذه الفئة المتدثرة بالإسلام، فما بالك بمن هو بعيد عن الإسلام، لا يعرف حقيقته وبراءته من هذه الأفعال والممارسات التي تتعمدها « داعش « المصنوعة من أجل التشويه والتسويغ لما هو آت من جرائم تحضر لها الصهيونية وحلفاؤها من صفوية إيران وغيرهم.

على الأمة أن تستجيب بصفة مستعجلة لكلمة خادم الحرمين، فهو ينتظر من العلماء والمؤسسات إجراءات وأعمالا، وينتظر تمزيق عباءة اللوم التي طالما تدثرت الأمة بها، وعليها ألا تكتفي بلوم «داعش» بل عليها الاستعداد لمواجهة هذه الصنيعة الاستخبارية الخبيثة، فهي أخبث من القاعدة وأخطر منها، على الأمة أن تعد العدة الفكرية والعملية للتصدي لهذه الفئة، ومواجهتها بما يعري ادعاءها بالإسلام زورا وبهتانا، مواجهة تبين حقيقة داعش فكريا وسلوكيا، ومدى خطورتها على الشباب لاسيما وقد تبين أنها صنيعة استخبارات دول لا تخفي عداوتها للأمة الإسلامية السنة عامة، والمملكة العربية السعودية بصفة خاصة.

abalmoaili@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب