10-08-2014

حراك النخب العلمية وقت الأزمات!

دائما، يؤكد خادم الحرمين الشريفين - الملك - عبد الله بن عبدالعزيز، على أهمية الصلة الوثيقة بين علماء الأمة، وشبابها، فالعلماء هم عصمة الأمة من أفكار نشاز، وأن يلتف الشباب حول العلماء، ما داموا محل ثقتهم؛ ليعبروا عن مشاكلهم، ويتحمسوا لقضاياهم، فإليهم يرجعون، ومنهم يأخذون العلوم الشرعية، وفق الفهم الشرعي الإسلامي الصحيح، بعيدا عن التفسيرات المغلوطة الضيقة، أو الدعوات الاستئصالية. مع ضرورة تنشئة أجيال تؤمن بالحوار، وتقبل بوجهة النظر الأخرى، وتركز على احترام الآخر، وتحترم حقوقه. والتأكيد - أيضا - على أهمية تطوير المناهج، وفق نظرة شاملة للمتغيرات الدولية، وتلبية الاحتياجات التنموية، ومواكبة التقدم التكنولوجي العلمي، والاستفادة من مواقع الإنترنت؛ من أجل بناء فكر معتدل في مواجهة فكر منحرف، وفق المنهج القرآني:{وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }.

الواقع يشهد، أن لا أحد يستطيع الجزم، بأن الدور المنشود للعلماء، والقضاة، والدعاة، والخطباء، في معالجة ما تمر به الأمّة من فتن، ومصائب، وما يعصف بها من أحداث، ونكبات، قد وصل درجة الكمال، وأنهم استطاعوا أداء رسالتهم بشكل قاطع. ففي اعتقاد خادم الحرمين الشريفين، أن الدور لا يزال محدوداً، وهذا ما عناه خادم الحرمين الشريفين للمشايخ، والعلماء، خلال استقباله لهم - قبل أيام -، ومخاطباً إياهم، بقوله : « فيكم كسل، وفيكم صمت، وفيكم أمر ما، هو واجب عليكم، واجب عليكم دنياكم، ودينكم».

ما يحدث على أرض الواقع من ظروف دولية، وأوضاع عالمية، يمثل حقبة بالغة الحساسية، والخطورة، - سواء- من ناحية كثرة الفتن، ووفرة المحن، أو ما يتعرض له آحاد الناس من أنواع البلاء، وأصناف الشدائد. وعند النظر في إدارة الأزمات على الأساس العلمي في المفاهيم الحديثة، فإن الحديث عن دور هذه النخبة، سيمتد في هذه المرحلة الحرجة التي نعيشها، إلى وقف الابتزاز السياسي، ومعالجة دعوات الوقيعة، والحرص على الوحدة الاجتماعية، وهو ما يمكن وصفه: بضرورة العلم بمقتضيات الأدوات الشرعية، وفقه الموازنات، ومن ذلك على سبيل المثال: رصد حركة ما يدور على الساحة في كافة جوانبه؛ لاستثمار جوانب الخير، وتعطيل جوانب الشر - قدر المستطاع -. وهذه مسؤولية تاريخية عظمى، تستدعي القيام بواجبهم، وفتح السبل لعلمهم.

النخبة العلمية التي أشار إليها خادم الحرمين الشريفين، هم صمّام أمان على مدى التاريخ، وحصان رابح في المشهد العام، - ولذا - فإن الواجب في حقهم، رعاية الأمة، وحفظ مصالحها، وبذل الوسع، والطاقة في دلالة الأمة على الخير، وتحذيرهم من الشر، - لاسيما - في أزمنة الفتن، وأيام المحن.

drsasq@gmail.com

باحث في السياسة الشرعية

مقالات أخرى للكاتب