20-08-2014

الجبهة الداخلية.. قول على قول

قال لي الطبيب يوماً بعد أن شخص حالة مريضي: الجبهة الداخلية أهم من كل علاج، سألته ماذا تعني بالجبهة الداخلية؟ قال: الحالة النفسية والثقة في الشفاء.

تذكرت هذه المقولة وأنا أقرأ الكثير من الآراء واستمع للعديد من التحليلات السياسية المتعلقة بمنطقتنا العربية عموماً وبمنطقة الخليج العربي على وجه الخصوص.

لا يختلف اثنان على أن الأمة العربية تمر بأسوأ حال لها منذ أن صارت دولاً متفرقة تحكمها حدوداً مصطنعة, صنعها الاستعمار قبل رحيله, حروب داخلية طاحنة، وأنظمة سياسية طائفية, وأحزاب تخريبية إجرامية.

يحدث كل هذا على بعد كيلوات معدودة من وطننا المملكة العربية السعودية, هذا الوطن الذي ما عرف منذ توحيده أي تحزبات أو تجمعات أو تنظيمات, الكل تحت راية واحدة وإمام واحد, يأتمرون بأمره وينتهون بنهيه, النابع من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

أقول هذا القول ونحن في أمس الحاجة إلى أن نتفرغ لقراءة داخلنا قراءة صادقة بعيدة عن الأهواء والمصالح الشخصية, تلك المصالح التي هي السبب الرئيس في تصدع الأبنية وتفكك الأربطة وتهاوي السامقات من الأخلاق, نحن كمجتمع سعودي في حاجة إلى أن نقف مع أنفسنا وقفة محاسبة صادقة, نقف قيادة وشعبا, نقرأ واقعنا دون تشكيك أو تخوين لأي فئة مهما كان خطأها, نحن في حاجة إلى الاستماع لكل الآراء ووجهات النظر سواء كانت تتفق مع توجهاتنا أو تختلف, في حاجة إلى أن يكون الجميع على طاولة واحدة، طاولة الوطن دون تفريق أو محاباة في القبول أو الرفض, في حاجة أن نستمع ونبدي الرأي، في حاجة إلى توحيد الآراء ولو لم تكن متطابقة فهذا شيء مستحيل.

الجميع يتفق على أن الشريعة الإسلامية هي منطلق كل أنظمة بلادنا, وأن كل الآراء والاختلافات لا يمكن أن تمس ثوابت هذا الدين, لذا فإن النقاش حول أي أمر بعيد عن ثوابت الدين مقبول, ولا حرج في طرحه وسماع أي رأي مهما كان شاذاً شريطة أن يكون صاحبه ممن يبحث عن الحق لا ممن يبحث عن الفتنة وتفريق المجتمع.

الجبهة الداخلية لا يماثلها أي قوة خارجية مهما كانت, كما أنها من أخطر ما يمكن إن لم تول العناية الكفيلة ببقائها قوية صلبة في وجه كل باغٍ ومعتدٍ, نحن أمام تحدٍ كبير يجب أن نعترف به وألا نطأطئ رؤوسنا لعل العاصفة تمر بسلام, بل يجب علينا أن نقرأ أسباب هذه العاصفة ونحاول بكل الوسائل صدها، ولا يمكن أن يكون الداخل بعيداً عن المعالجة، فإن رأى البعض عدم أهمية الداخل أو ضمن سلامته فثمة مشكلة كبرى في وعينا يجب تداركها قبل أن يستصعب العلاج ويستحيل الحل.

المجتمع ليس أنا وأنت فقط، المجتمع أنا وأنت وهو وهي وهم وهؤلاء بكل صيغ المفرد والمثنى والجمع، المجتمع كلٌ لا يتجزأ، فلا يجوز أن يُختزل في فئة دون أخرى ولا رأي دون آخر, كل هذا يمثل الجبهة الداخلية التي بتماسكها وتوحدها لا يمكن لأي قوة مهما كانت النيل منه أو هزيمته, وفي حال خلخلته فإن أي عاصفة بسيطة تحدث خلالاً وربما تصيبه بكارثة يصعب علاجها.

أكتب هذه المقالة بقلبي قبل قلمي، فلا مجاملة في أمن الوطن، ودونه نصدع بالحق ونقبل قاني الدم يروي أرضه دون عرضه ومقدساته وقيادته.

والله المستعان.

almajd858@hotmail.com

تويتر: @almajed118

مقالات أخرى للكاتب