21-08-2014

اقتطاعات التأمينات: لا مُشَاحَّة في الاصطلاح..ولكن!

كان الاختلاف مع الزميل العزيز حول تسمية اقتطاعات التأمينات الاجتماعية، وهل يدخل ذلك في مصطلح الضريبة أم لا، وكنت أحاول أن أبين للطرف الآخر أنها ضريبة على الراتب، وأننا نتفق في المعنى، وهو أخذ جزء من راتب العامل السعودي من أجل تقديم خدمات له في سن التقاعد أو عند حدوث إعاقة مستديمة..

وكما قيل (لا مُشَاحَّة في الاصطلاح)، فالاتفاق حاصل على المعنى، وإن اختلفنا في التسمية، ولكن عند الاطلاع على صفحات التأمين الاجتماعي في مختلف الدول الغربية المتطورة، سنجد أنه يطلق عليها (Social Security taxes )، وتدخل كجزء من ضريبة دخل الفرد في الدول المعنية، ومع ذلك أنا لست ضد إطلاق أي مسميات جديدة غير الضريبة، لأن ذلك ليس الموضوع الذي يدور حوله الاختلاف، فالمعنى متفق عليه..

لكن نقطة الاختلاف الجوهرية أن ضريبة التأمين الاجتماعي في السعودية تفتقد إلى مقومات العدالة الاجتماعية، و تُدفع من قبل فئة العمال من ذوي الرواتب فقط، بينما يتم إعفاء ذوي المداخيل الحرة، والذين يتلقون التبرعات والهبات، كذلك يتمتع الأجانب المقيمين بخاصية الإعفاء من تطبيقاته، هذا بالإضافة إلى أن نسبة الضريبة عالية، كما أوضحت في المقال السابق، وجامدة منذ ثلاثين عام، ولتبيان ذلك في صورة أكبر، سأورد مثالا من دولة نتغنى دائما بحضارتها وتقدمها الاقتصادي والقانوني.

في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، تم تحديد معدل ضريبة التأمين الاجتماعي للأجور المدفوعة في عام 2014 من قبل النظام الأساسي بنسبة 6.2 في المئة لكل من الموظفين وأصحاب العمل، ليصبح الإجمالي 12.4 في المئة، وتم تحديد مبلغ 117،000 $، أو ما يعادل (439000 ريال سعودي) حد أعلى لاقتطاع الضريبة (6.2 في المئة)، وما تجاوزه لا يدخل في الدخل التي تفرض عليه الضريبة، على أن يدفع أصحاب المداخيل العالية حد أعلى سنوي مبلغ 7254.00 $، أو ما يعادل (28215 ريال سعودي) سنوياً..

بينما يتم احتساب معدل الضريبة لأصحاب دخل الأعمال الحرة،(self-employment )، كاملا، أي 12.4 في المئة من سقف الأجور المحدد أعلاه، ويعني ذلك الذين يعملون في الأعمال والمهن الحرة، ولديهم دخل مستقل، والجدير بالذكر أن الحد الأعلى لقاعدة الأجور الخاضعة للضريبة تزيد سنويا بـ 2.9 في المائة سنوياً، أي كان الحد الأعلى في عام 2013 هو 113700 دولار، وأصبح هذا العام 117000 دولار، وهكذا، بينما كان في عام 1985، مبلغ 39,600 دولار، أو ما يعادل 148500 ريال سعودي..

بينما في السعودية يتم اقتطاع 9% من راتب العامل السعودي منذ ثلاثين عاما، وتدفع المؤسسة 9% أخرى، وليصبح إجمالي الضريبة 18%، قبل الزيادة الأخيره، وتم تحديد سقف ثاتب وجامد وعال هو مبلغ 540000 ريال سعودي، ليكون الحد الأعلى لاقتطاع الضريبة، ولم تتغير قاعدة الحد الأعلى للاقتطاع منذ تأسيس مؤسسة التأمينات، وكان التوجه إلى زيادة الضريبة إلى 20%، بينما المتغير في الولايات المتحدة هو سقف الأجور الخاضعة للضريبة، وليست نسبة 12.4%، والاختلاف الأهم أيضاً إن في السعوديه لا تؤخذ ضريبة على ذوي الدخل الحرّ، والتي من المفترض أن تكون بعد الزياده 20% من السقف الأعلى وما دون، وعادة يتم تحديد مدخولاتهم من حساباتهم في البنوك.

وهو ما يعني أن التطبيقات في السعودية قاصرة وجامدة ومشوهة، وتستنزف مداخيل فئة محددة من المجتمع، وفي تفاصيل تطبيقاته تشويه لصورة الوطن في عيون أبنائه، وحسب رأيي يتحمل أصحاب المسؤولية المباشرة مثل وزارة العمل والمؤسسة العامة للتأمينات تطبيقاته الخاطئة، وقد أفهم ردة الفعل القوية في المجتمع ضد الزيادة الأخيرة.

والتي حسب رأيي فتحت الباب أمام ضرورة إعادة النظر في هذا النظام غير العادل حسب وجهة نظري، والذي يستحق المراجعة، ثم إعادة تنظيمه ليشمل الجميع من مختلف الفئات التي تقيم في هذا الوطن، ولها دخل سنوي، وتستفيد من ثرواته، على أن تكون النسبة أقل من الحالية وثابتة، ويصبح المتغير هو الحد الأعلى للأجور الخاضعة للضريبة، وليس النسبة.

مقالات أخرى للكاتب