21-08-2014

حكم أوباما..هل يعيد الحرائق؟!

المشاهد العنيفة القادمة هذه الأيام من مدينة فيرقسون بولاية ميسوري الأمريكية تعود بالذاكرة إلى الخمسينات، والستينات الميلادية، وإلى مالكم اكس، وروزا بارك، ومارتن لوثر كنج، وذلك عندما كانت أمريكا في حرب مع نفسها، أثناء نضال السود لنيل حقوقهم المدنية، وهي المرحلة التي كان من أبطالها بجانب المذكورين أعلاه، أشهر الرياضيين حول العالم، محمد على كلاي، ووراءهم الملايين من السود، والذين وصلوا إلى مرحلة الغليان من أوضاعهم البائسة، خصوصا في عمق الجنوب الأمريكي، وتحديدا ولايتي ألاباما، وميسيسيبي، والأخيرة هي الولاية التي يتندر عليها الأمريكيون بالقول: «ما هي الولاية التي لديها أربع أعين، ولكنها لا ترى؟!»، وهذا كناية عن الجهل، والعنصرية اللذين صبغا هذه الولاية، والتي شهدت معظم معارك السود في مواجهتهم مع العنصريين البيض في واحدة من أحلك مراحل التاريخ الأمريكي.

لا جدال في أن الحوادث العنصرية لم تتوقف طوال التاريخ الأمريكي، وحتى بعد أن حصل السود على كامل حقوقهم المدنية، على يد الرئيس ليندون جانسون، في عام 1964، خصوصا مواجهات الشرطة البيض مع المواطنين السود. هذا، ولكن مثل هذه الحوادث زادت عن حدها، وذلك منذ تولي الرئيس باراك اوباما، فقبل حادثة قتل المراهق الأسود، في مدينة فيرقسون، خنق رجل شرطة أبيض مواطنا أسودا أعزلا من السلاح، في ولاية نيويورك، وقبل ذلك بأشهر، برأت هيئة المحلفين البيض مواطنا ابيضا، متهما بقتل شاب أسود بدم بارد، ويبدو أن ثورة السود الحالية في مدينة فيرقسون هي رد فعل عنيف على مجمل حوادث العنف ضد السود، والتي تكثفت خلال السنوات الأخيرة بشكل غير مسبوق .

عندما وقف المرشح الجمهوري الخـاسر، السـيناتور جون مكـين أمـام أنصاره ليعلن قبولـه الخسارة أمام باراك أوباما، في انتخـابات 2008، كان غضب أنصاره واضحا في تلك القاعة، وقد عمل جاهدا على تهدئتهم، إذ لم يكن من السهل على الجمهوريين المحافظين أن يقبلوا فوز رجل من أصول أفريقية برئاسة أعتى قوة عالمية، وقد عبر عن هذا القلق أحد اشهر المعلقين، والذي قال إن المحافظين البيض يعتقدون أن دولتهم أفلتت من بين أيديهم!!، وهناك شواهد من الإعلام الأمريكي نفسه، أو قل فلتات ألسنة، توحي بالتذمر من وجود رئيس من أصول أفريقية، ولا جدال أن نزعة المحافظة عادت جذعة، منذ فوز أوباما بالرئاسة، خصوصا في ولايات الجنوب، المحافظة تاريخيا، وهنا يحق لنا أن نربط بين الغليان الحالي، بين السود والبيض، وبين تربع اوباما على سدة الرئاسة، ويبدو أن اوباما نفسه يدرك ذلك، فقد بدا في حديثه عن حادثة مدينة فيرقسون قيل يومين بمظهر يوحي بأنه أكبر بعشر سنوات من عمره الحقيقي، وكان واضحا أنه في حالة ارهاق نفسي، وبدني تام، فهو يشعر بالظلم المتزايد على السود - وهو واحد منهم - خلال الفترة الأخيرة، وفي ذات الوقت، يعلم أنه رئيس لكل الأمريكيين، ولذا فقد كان حذرا، ودبلوماسيا حكيما وهو يتحدث عن الأمر، والسؤال هو: «هل ستكون حادثة فيرقسون جرس انذار ينهي حالة الغليان المتفاقمة بين السود، والبيض، أم تتفاقم الأمور خلال الفترة المتبقية من حكم أوباما؟». هذا ما ستجيب عنه الأشهر المقبلة!.

ahmad.alfarraj@hotmail.com

تويتر @alfarraj2

مقالات أخرى للكاتب