09-08-2014

انتصارات الوهم

نعلم أن إسرائيل أثخنت غزة بشكل غير مسبوق، وكانت نتيجة ذلك آلاف القتلى، والجرحى، وقد آلمتنا المشاهد التي نقلها الإعلام، خصوصا وسائل التواصل الاجتماعي، وبغض النظر عن كل شيء آخر، فإن المؤكد أن الخسائر كانت جسيمة، وقد تعاطفت شعوب العالم مع غزة، وأهلها بشكل غير مسبوق، وذلك بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، والتي لا تخضع لرقابة، ولا أعتقد أنني كنت شاهدا على مثل هذا التعاطف العالمي مع القضية الفلسطينية من قبل، وكانت هذه فرصة لا تعوض لاستغلال هذا التعاطف العالمي غير المسبوق لإبراز القضية الفلسطينة عالميا، ولكن يبدو أن التنظيم العالمي للإخوان كان له رأي آخر.

الحقيقة موجعة، ولا أحد يريد أن يستمع إليها، ولكن لا بأس من التذكير بأن تنظيم حماس، وهو أحد الفروع الرئيسية لتنظيم الإخوان، قد تم استغلاله من قبل التنظيم الأم لإعادة الوهج للتنظيم، بعد خسائره الكبرى، منذ بداية الربيع العربي، وخصوصا تنحيته من حكم مصر، ولأن التنظيم يريد حصد أكبر المكاسب من هجوم اسرائيل على أهلنا في غزة، فقد أوعز لحماس بعدم قبول المبادرة المصرية منذ بداية الحرب، وكانت نتيجة ذلك أن ارتفعت أعداد الضحايا، والدمار، وفي النهاية تم قبول الهدنة!!، وهذا يشعرنا بالغضب، إذ كان بإمكان حماس أن تتفادى الكثير من الخسائر، لو لم تتعالى على مصر، كما هو ديدنها منذ سقوط حكم الإخوان، ويبدو أن التعالي على مصر، وحكومتها الجديدة أصبح عقيدة اخوانية خالصة، وهذا ليس كل الحكاية!.

كان بإمكان حماس أن تستغل التعاطف العالمي غير المسبوق مع القضية الفلسطينية لتوضيح الظلم الشديد الذي يلاقيه أهل غزة المحاصرين.

هذا، ولكنها، بدلا من ذلك، أعلنت، هي، وخلايا التنظيم في دول الخليج، النصر على إسرائيل!!، بل إن أحد كبار الإخوان، والذي يتبعه خلق كثير، كتب عن هذا الانتصار العظيم لحماس، وبدأ يسرد خسائر إسرائيل، بل إنه قال: إن المنظمات العالمية بدأت تتبرع لإسرائيل بأجهزة خاصة للمعاقين من جيش إسرائيل!!، وهنا يبدو واضحا أن الهدف ليس نصرة أهلنا المستضعفين في غزة، ولا نصرة القضية الفلسطينية، بل نصرة تنظيم الإخوان، وتحديدا حماس، والمؤلم أن إسرائيل استغلت هذه الاحتفالات الإخوانية الوهمية بالنصر، لتقنع الشعوب الغربية، المتعاطفة بشدة مع غزة، أن وضع غزة ليس بالسوء الذي يتصورونه، فهاهي حماس تعلن النصر، ما يعني أن كل الخسائر التي تكبدها أهلنا في غزة قد تمت التضحية بها على مذبح التنظيم الدولي للإخوان، ولا نقول إلا :» لكم الله يا أهل غزة، فقد ذهبتم ضحية لصراعات سياسية، وخرجتم من المولد بلا حمص».

ahmad.alfarraj@hotmail.com

تويتر @alfarraj2

مقالات أخرى للكاتب