30-08-2014

داعش «نبتة خارجيّة» لا «نبتة سلفيّة»

السلفية، منهج قويم، واسم من مرادفات الأسماء المعروفة لأهل السنة والجماعة، كما حال «أهل الحديث» مثلاً، وكتب علماء السلف، مستفيضة بذكر مترادفات أهل السنة والجماعة، وكتابي المطبوع (جهود علماء السلف في الرد على الصوفية في القرن السادس الهجري) والذي هو أصل رسالتي للدكتوراه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، قد تضمن هذه المترادفات بالتفصيل، كما اشتمل على فصل، حُرّر فيه مصطلح (السلفية)، وسبق أن كتبتُ في هذه الجريدة الغراء بالعدد رقم (14131) وتاريخ 5 رجب 1432هـ، مقالاً بعنوان (السلفية..المفترى عليها) أوضحت فيه مزيداً مما أشرت له، لكن الداعي لكتابة هذا المقال، تغريدة أطلقها (أحدهم) في موقع التواصل الاجتماعي « تويتر» قال فيها ( داعش نبتة سلفية) قاده الحماس على إطلاقها، من غير أن يدرك مآلاتها ووقعها على كل مسلم سني غيور على دينه، ولربما اجتهاده الخاطئ، قاده إلى هذا الانجراف في علم لا يحسن كنهه، خاصة وهو من صرح بتدني مستوى تأهيله العلمي، مما يعني افتقاره إلى أدنى الدون في علم الفرق والمذاهب الفكرية على وجه الخصوص، وكم كان بودي لو ابتعد عن هذه الجزئية مسافات، حتى على الأقل، يسلم من مجرد الظن، ليس ثمة أدنى شك أن (داعش) تنظيم حركي، صنيعة دول معادية للإسلام، وبالذات أهل السنة والجماعة، لا يختلف اثنان على تطرف هذا التنظيم، وعلى علو كعب جرائمه، ولا يختلف مختلف على كونه صنيعة وأداة كالريموت بيد دول غربية وقريبة من محيطنا، داعش وأختها جبهة النصرة ومعهما حركة الحوثيين، هذه ثورات، تأتي امتداداً للثورات على مر التاريخ، والتي بليت بها الدولة العباسية آنذاك على سبيل المثال، ولعله يتبادر للذهن ونحن نكتب هذا المقال، ثورة الزنج في القرن الثالث الهجري، التي ثارت في وجه الدولة العباسية في البصرة بالعراق، وكان هدفها الأساس مناكفة الدولة العباسية ومنافستها على السلطة، ومكثت قرابة الحقبتين حتى أجهضتها الدولة العباسية وصارت أثراً بعد عين، وقبلها حركة الخوارج التي وضع بذرتها (ذو الخويصرة) ومواقف الخوارج مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، علي وعثمان ومعاوية وطلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم أجمعين، معروفة بشناعتها، لم تبرح العقلية المسلمة، الآن ما نشاهده من جرائم يرتكبها تنظيم داعش، نجزم بأنها خارجة عن روح الإسلام، فضلاً عن تعاليمه ومنهجه الوسطي، هذا التنظيم وأضرابه يقوده عصابة، تدعي زوراًنها حاملة لواء الدين وحامية جنابه، وأفعالها مرتدة عليها، وتدينها، لا يعرف الإسلام، جز الرؤوس، ولا يجيز التمثيل بالجثث، ولا قتل المستأمنين، لكن هذا التنظيم بأفعاله الشنيعة والمقززة لا يقرها عقل ولا دين تحت أي مبرر كان، هذا التنظيم وأمثاله، بليت به الأمة، كونه ساهم في تشويه صورة الإسلام، وهو بهذا المنهج الشرير، يصد عن دين الله، تنظيم داعش وكما نشاهد (هيئات) أتباعه وأفراده، تقمّص صورة المسلم بهيئته الشرعية، من حلق الرأس وإسبال شعر الرأس واللحية وحتى اللسان، ناهيك عن المعتقد والتوجه والدوافع، وأنت أمام هكذا مشهد، يذهب ذهنك دون تردد لخوارج ذي الخويصرة، فالهيئة والشكل واحد والتوجه والهدف واحد، إذاً أنت مع أحفاد الخوارج قولاً واحداً دون أدنى شبهة، فكلا الفكرين، ترك العدو الحقيقي، واتجه صوب المسلم وخاصة السني، وقد رأينا كيف ينحر هذا التنظيم شبابنا المغرر بهم، وكيف يجزون الرؤوس ويمثلون بها، وهم يكبرون، فهل هذا من الإسلام ؟ كلا!، داعش وأمثالها، تنظيمات فكرية، عدوانية، عشوائية، مدفوعة الثمن، وطالما أن هذا سلوكها وتوجهها، فحتماً سيكون مصيرها، مصير الثورات في التاريخ الإسلامي، كثورة الزنج والقرامطة والحشاشين وغيرها، ولن يقوم لها قائمة، كون سياستها، تعتمد الشر من أساسه، يقودها الحقد الدفين على كل ما هو مسلم سني، وهذا التنظيم وغيره من التنظيمات الحركية والثورات العشوائية، تقود نفسها وأتباعها للمحارق، وإن ساعدها الوقت والظرف حيناً، إذ ليس بمقدورها مسايرة دول مؤسسات، قامت على مناهج ودساتير ردحاً من الزمن، مهما كانت المبررات، بقي القول، داعش لا تمت للسلفية بصلة، وأقول لصاحبنا، قارئ القرآن، يا رعاك الله، ما هكذا تورد الإبل هداك الله، داعش، نبتة خارجيّة، وليست سلفيّة، أصلحك الله، فراجع حساباتك، وأنصحك بتزويد رصيدك المعرفي عن كل ما تريد التحدث عنه قبلاً، وابتعد عن اسلوب الإثارة الذي لا يخدمك، بقدر ما يلحق الضرر بك، وبودي أن تقف عند حدود ما تميزت وعُرفت به، وتتجنب الخوض في مسائل، بضاعتك فيها مزجاة، واجعل علماءك الأكابر قدوتك في التلقي، فهذا سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، ومعالي الشيخ الدكتور سعد الخثلان عضو هيئة كبار العلماء، وغيرهم، أجمعوا على أن (الدواعش) عين الخوارج، ولا يغرنك إطلاقهم على تنظيمهم، بالدولة الإسلامية، فهذا من باب التدليس، إذ لا يعدو كونه، تنظيم إرهابيستخباراتي، وعنّي أنهم أحفاد الخوارج دون تردد، بناء على ما لدينا من معطيات مشاهدة على أرض الواقع... ودمتم بخير.

dr-al-jwair@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب