05-09-2014

الحروب بين الماضي والحاضر.. والحضور البشري الطاغي الذي لم يستوعب بعد..

مسألة البيئة

من حق كل البشر الذين يعيشون تحت قبة السماء أن ينعموا بحياة صحية خلاقة تتناغم مع الطبيعة.. وأن تكون جودة حياتهم على علاقة متبادلة مع البيئة المحيطة بهم باعتبارهم جزءاً مهماً من مكونات النظام البيئي والمجال الحيوي السائد في الكون واعتبار الطبيعة أساساً ودعامة للبيئة البشرية، حيث لا يمكن قصر مفهوم الطبيعة فقط على أنها الموارد الأرضية التي يستغلها الإنسان لصالحه.. بل تشمل جميع الرموز

والجماليات والإبداعات الكونية التي خلقها ربُّ العباد لِتُسخَّر من الإنسان بتعقلٍ واعتدال وليس بالفوضى والإسراف.

منذ بدايات التاريخ البشري والإنسان يلهث وراء تعظيم احتياجاته من البيئة وينشد سبل الراحة فيها بشتى الوسائل.. بل تعاظمت ثرواته المادية مقابل الاستغلال الجائر للموارد الطبيعية.. ومن ثم تراكمت آثار التلوث وأضراره بمختلف منظومات البيئة ومنها الكائنات الحية وعلى رأسها الإنسان نتيجة التدخل الجائر وغير المسئول للإنسان نفسه على معطيات البيئة.

ونتيجة لانتشار وتفاقم مشكلات البيئة في مناطق كثيرة من العالم مع اختلاف درجة حدتها ونوعية وخطورة الملوثات التي تستقبلها وحجم تراكماتها تأثرت مناعة البيئة.. وظهر ضعف وبطؤ في قدرتها وفعاليتها على هضم ما تستقبله من كميات مروعة من المخلفات الصناعية والبشرية، إضافة إلى مخلفات التجارب النووية وجرائم العمليات العسكرية والتي زاد انتشارها وتعاظمت حدتها في هذا العصر، الأمر الذي أخرج البيئة عن صمتها بعد اختلال سلامتها الوظيفية وباتت تهدد الأمن البيئي في مناطق الحروب والكوارث الطبيعية والبشرية، ما ترتب على ذلك من تفش لأمراض وأوبئة جديدة لم تكن تعرف سابقاً ناهيك عن التشوهات الجسدية التي تصيب بعضاً من أولئك الذين يعيشون في مناطق الحروب والصراع والتي لا يتوانى صانعوها ممن انعدمت ضمائرهم وماتت مشاعر الإنسانية في قلوبهم من استخدام مختلف أنواع القنابل المشوِهة والحاصدة لأرواح البشر.

لا شك أن للحروب في الماضي والحاضر آثاراً واضحة على الشعوب في مختلف أرجاء العالم.. إلا أن آثارها تمتد لتشمل البيئة والمساحة الجغرافية التي يعيشون فيها. والعرب ألفوا الحروب منذ أقدم العصور لكن الفرق شاسع بين حروب الماضي وحروب الحاضر، فعلى سبيل المثال هل تُقاس حرب البسوس التي دارت في الجاهلية بين قبيلتي بكر وتغلب وما خلفته من آثار بالحرب الإسرائيلية مقيتة على غزة.. وهل من تقارب في القوة والأخلاقيات ووسائل الإغارة المتطورة ونوعية الأسلحة الفتاكة.. وما تخلفه من أشكال الدمار والأضرار الناتجة من سحابات التلوث المهددة للأمن البيئي.. ثم بعيداً عن الخسائر البيئية التي تسببها الحروب في العصر الحديث، فدرجات الحرارة المتصاعدة وأنماط المناخ المتطرفة تؤثر بصورة واضحة على الأمن الإنساني والتي يعاني منها كثير من سكان العالم لاسيما الفقراء منهم في بعض المناطق الأكثر كثافة وازدحاماً والتي تعاني الفاقة والتدهور الاقتصادي والصحي.

فإذا كانت تكلفة حجم الخسائر المادية والبشرية والبيئية التي تكبدتها مناطق الحروب تُقدر بمئات المليارات من الدولارات، فإن تكلفة إزالة آثارها من المحيط الحيوي داخل حيز معيشة الإنسان لن يكلف مادياً فقط بل يكلف خططاً عالمية بعيدة المدى ومستمرة.

السؤال.. أي تكنولوجيا وأي اقتصاد يستطيع إعادة ما فقدته الحياة البيئية إلى ما كانت عليه قبل الحروب؟!

zakia-hj1@hotmail.com

Twitter @2zakia

مقالات أخرى للكاتب