09-09-2014

على شفا شقٍ عميقٍ..!!

يكتبون كثيراً.., يتحدثون كثيراً, ترتفع الأصوات, تتعالى حدة النقاش, تتضارب الأفكار, تموج في الصدور حيرة، وتغم على القلوب دكنة, وتضطرب المخيلة..!!

ما الذي لم يكن عن الشر فكان..؟!!

ما الذي لم يُعرف عن الجريمة فعرف..؟!!

ما الذي لم يفرط فيه من دعامات عمارة الكون، وفرِّط..؟!!

الصغارعلى الأرض..

الذين ترتفع بهم أقدامهم في الحاضر بائسون..،

بائسون لن يتعرَّفوا الفرح كما ينبغي..,

لن يلمسوا الاطمئنان كما يعني..,

لن تتشكل قيم الحياة النبيلة.., والعلاقات المتينة.., والخيرية الرحبة.., والسعادة المبهجة.., والبناء الراسخ.., والنجاح المثمر.. في أعماق وعيهم بمدلولاتها الصحيحة..!!

بائسون لأنهم جاؤوا للحياة وهي في أشد مراحل اضطراب أناسها..،

وفي منتهى تداخل قضاياهم..,

وفي حال أعقد تشابك حبال غاياتهم..!!

بائسون لأنهم جاؤوا والأصوات من حولهم ضجيجاً متداخلاً..,

لا يميزون فيه الصواب من الخطأ.., ولا الحق من الباطل, ولا النظافة من القذارة, ولا الحب من الكره, ولا الأمانة من الخديعة, ولا الصدق من الكذب..

بائسون لأنهم جاؤوا وهم على شفا شقٍ عميقٍ بين هاوية وبسيطة..,

لذا لا يقدرون على اجتيازها بأمان..!!

بائسون لأن المفاهيمَ من حولهم متماوجة.., متداخلة.., مختلطة.., داكنة..

من يصفِّي السنارةَ لهم.. ومعهم..؟

من يرفع لهم العمود ومعهم..؟!,

من يضرب بهم العمق.., ويعينهم على النجاة،.. يأخذ بهم للجانب المشرق دون التردي..؟!

من يؤكلهم لقمة هنيئة سائغة نقية مما تلقمهم وقائع كل الذي من حولهم على الأرض..؟

من يسقيهم ماءً عذباً فراتاً عن الذي يزدردونه معكراً طحلبياً ممزوجاً بالذي تمدهم به مجاري الواقع الذي يتعايشون..؟!

من يخبرهم بأن ليس كل الذين يبكون من الواقع يشتهون البكاء..,!!

ولا كل الذين يتقيأون ما يبتلعون مرضى..,!!

ولا كل المستائين من جحيم الوقائع أبرياء..!!

من يغرس فسائل أملٍ نقيةً لا مساس للأحداث بها في جوفهم لئلا تعطبُ الشجرةُ فيهم..؟

من يقيم سواراً من حاجز منيع يقي قلوبهم من زقومِ ما تحطُّ به ثمار الشر الملتهبة على الأرض تتسورهم..؟

من يفسر لهم الفسادَ معى بدلائله وشواهده.., بأبجدية الحاصل فوق الأرض..؟!

من ذا الذي يفصل لهم بين الزخرف والباطل..؟!

من يشرح لهم ما وراء الجمال المغلف في أصقاعها البعيدة هذه الأرض، حيث من يُعد الذخائرَ ويرمى بها..؟!... ويفتك بالبريء وتمشي في عزائه, ويربت على الكتف وفي يده الأخرى الطعنة والدرع..؟

من يفصل لهم بين خيط أبيض تاه في شظايا البركان.., وآخر أسود مُدَّ في غفلات الاسترخاء..؟

من يأخذهم لركن قصي من سلام لن تطاله أعين الغرباء..؟!

هؤلاء البائسون بوقتهم..؟!

كيف سيكونون في المآل بأحلامهم الملوثة, وبواطنهم المشوبة..؟!

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

مقالات أخرى للكاتب