12-09-2014

سمات الخبير

يحدث جدل في مناقشات الأوساط المتخصصة حول تسمية بعض الأكاديميين في الجامعات ومراكز البحوث أو الممارسين في المؤسسات الميدانية بالخبير، وكل واحد منهم يطرح سمات محددة فيمن يستحق وصف الخبير في مجاله العلمي أو العملي.

وهذا الجدل لا يعدو عن كونه اجتهادات معينة تصيب مرة وتجانب الصواب مرة أخرى. وربما تتدخل العواطف في ذكر أسماء والسكوت عن أسماء وربما يتدخل عامل النسيان في حالات نادرة. وإذا كانت لخبير الجامعة سمات فإنه يجب أن تكون للممارس سمات تتناسب وطبيعة مهنة كل واحد منهما، ويتولى تحديدها الجهة الإدارية التابع لها.

وفي الوقت الذي ألتمس لبعض المتحاورين عذراً من نقد تسمية بعض الأكاديميين والممارسين بالخبير، إذ ليس له صيت علمي أو عملي لدى المتخصصين في فروع التخصص، أتضايق من الإحجام عن تسمية فرد بالخبير على الرغم من وجود جهود ملموسة ومتقنة. وعليك الحكم على العمل بالفشل إذا تدخلت العواطف في تقويمه.

وهذا ليس تحاملاً على أحد فالكلمات لابد أن تأخذ معانيها ودلالاتها المتفق عليها لدى أهل الاختصاص، حيث توجد شخصيات لها باع طويل في مجالها العلمي والعملي ولا تقبل أن توصف بالخبراء ليس تواضعاً فحسب وإنما لقناعتهم بثقل المسؤولية، وتوجد في الوقت نفسه شخصيات لا تزال في أول الطريق ولا تتفاعل مع أحد إلا إذا وصفت بألقاب براقة ورنانة ومنها وصف الخبير.

وقد يبرر هذا الخلط في وصف شخصيات بغير ما تستحق أو حرمان شخصيات مما تستحق من تكريم إلى غياب وجود لوائح محددة لسمات الخبير سواء في الجامعة أو الجهات الممارسة، بحيث يتم الاعتماد عليها في فحص الأسماء وبالتالي الحكم على استجاباتها.

ويعد هذا الخلط خطأ تتحمل الجهات المتخصصة مسؤوليته سواء أكانت جامعة أو جهة ممارسة. وأنا أجزم بأنه ليس مقصودأ بقدر ما هو متروك للتداول من قبل الفاحصين. سواء محكمين أو مناقشين.

ويتعاظم هذا الخطأ عندما تجد فئات قد توصف بالنخبة كطلبة الدراسات العليا في رسائلهم الجامعية أو أعضاء هيئات التدريس في بحوثهم يستخدمون كلمة خبراء لشخصيات محددة وعندما تقرأ الأسماء المذكورة في متونها يمكن أن تستبعد أعداداً ليست بقليلة ممن وصفوا بالخبراء.

يزخر الأدب في مجالات العلوم الإنسانية بجهود حثيثة عن أخلاقيات أو آداب صاحب المهنة المميز، وقد تم رصد العديد من الأخلاقيات والتي تتوزع إلى أخلاقيات عامة وهي المطلوب من الإنسان مهما كانت طبيعة وظيفته، وأخلاقيات خاصة وهي التي يجب أن يلتزم بها في مهنته. والأخيرة تتوزع إلى مجموعات: شخصية وخلقية وعلمية ومهنية.

لجامعة الملك سعود جهد مشكور حول هذا الموضوع وذلك عندما أصدرت دليلاً للأستاذ الجامعي عام 1430هـ 2009م لكنها لم تتناول في هذا الدليل سمات خبير الجامعة وهو موضوع على درجة من الأهمية؛ لأنه قد يحسم الخلاف في المناقشات التي قد تطول وربما تنتهي بدون جدوى ملموسة.

ولعل المجلس الأعلى للتعليم في المملكة العربية السعودية يتبنى إعداد لائحة موحدة للخبير الجامعي وذلك على غرار اللائحة الموحد للدراسات العليا، واللائحة الموحد للبحث العلمي، ويتم تعميمها على الجامعات الحكومية والأهلية على حد سواء للعمل بموجبها.

إذا كانت الحاجة لمثل هذه اللائحة غير ماسة في وقت مضى، فإن الحاجة إليها في هذا الوقت ماسة؛ نظراً لتزايد أعداد الجامعات، وارتفاع أعداد طلبة الدراسات العليا، وحسم الجدل الدائر في الأوساط المتخصصة.

وعلى الرغم من الاتفاق على أن جهود الإنسان يتخللها نقص وضعف في مواطن من العمل، إلا أنه لا يمكن إغفال أدوارها في مواجهة مشكلات معينة قد تتسبب في الإساءة لسمعة الجهة والعاملين بها. فكم حدت اللائحة الموحدة للدراسات العليا كمثال من مشكلات كانت تواجه طلبة الدراسات العليا وأعضاء هيئات التدريس، فلا مجال للتساهل في استحداث برامج للدراسات العليا في حالة غياب مقومات نجاحها، ولا مجال للتأخر في استحداثها في حالة توافر مقوماتها. أنها رؤية واضحة للعمل الناجح.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضاه

malnooh@ksu.edu.sa

كلية التربية - جامعة الملك سعود

مقالات أخرى للكاتب