13-09-2014

الطبّاخات قادمات

لو فكرنا قليلاً وتجاهلنا أعداء الحياة للمرأة، سنجد كثيراً من موارد العمل التي تناسبها وتفتح من خلالها آفاقًا واسعة لخلق فرص عمل جديدة تلبي احتياجات السوق. ولعل الخبر الذي أطلت علينا به صحيفة «الحياة» قبل عدة أيام، عن موافقة وزارة الشؤون البلدية والقروية افتتاح مطابخ نسائية، والذي من شأنه أن ينظم عمل طباخات المنازل ويجعل هذه الفكرة حقيقة استثمارية للنساء اللاتي أبدعن في الطبخ وبيع المأكولات، حتى صارت البيوت السعودية تعتمد بشكل رئيسي في مناسباتها وحفلاتها على أطباق هؤلاء الطباخات، فيجد المشتري نوعية أفضل من المتاح في سوق العمالة الوافدة وطريقة تقديم أرتب وهو ما يهم معظم الناس.

لا أظن أحدا منّا يستغني عن أطباق طباخات المنازل، اللاتي تعدى عملهن الموهبة والهواية إلى الاحتراف لكنه يظل محدودًا طالما أن المرأة لا تستطيع إدارة عمل استثماري كهذا خارج المنزل، أما بعد النظام الجديد فأظن أن كثيرات من الطباخات سيكون عملهن خارج منازلهن على نطاق واسع وسيحققن الشهرة والريادة التي حققنها داخل بيوتهن، إنما في هذه الحالة سيكون العمل تحت مظلة رسمية تحفظ حقوقهن وتحفظ حقوق زبائنهن، أضف إلى هذا أن ضرورة متطلبات هذه المرحلة تُحتّم افتتاح كلية متخصصة للطبخ، كما هو في بعض الدول العربية والأجنبية، هذه الكليات تخرّج منها أشهر وأمهر الطهاة، فما الذي يمنع أن يكون لدينا كلية متخصصة للجنسين، لصناعة مستقبل استثماري وفني، ويفتح مجالات دراسية يحتاجها سوق العمل؟

إن ازدياد مشاركة المرأة في سوق العمل هو مؤشر تنموي، أضف إلى أن الظروف الاقتصادية جعلت النساء شريكات أساسيات في قيام ميزانية المنزل، إن لم تكن تقف هذه الميزانية على المرأة وحدها، في ظل غياب ثقافة دينية لمعنى القوامة والتي صارت تأخذ منحنى التسلط والفوقية، مع أن القوامة في واقعها هي تكليف الرجل بمصاريف البيت والزوجة.

ومع هذا التوسع في سوق العمل النسوي، أتمنى أن يقف على أرضية نظامية وحقوقية واعية، وأن لا يكون شكلاً بلا مضمون، كالذي حدث عند تشغيل -بعض- النساء في محلات بيع المستلزمات النسائية، فزُجّ ببعضهن دون تدريب فكان المتضرر هو المستهلك. لذا أتوقع أن المطابخ النسائية ستأخذ حيزًا كبيرًا من سوق الاستثمار المقبل، وهو بحاجة قبل كل شيء إلى تدريب وتوعية، ومظلة حقوقية تكتمل بمجتمع مدني يشارك بها، في أن يُفتتح المجال لتخصصات دقيقة لجمعيات ومنظمات خاصة بحقوق المرأة العاملة في السوق، والمرأة العاملة في المستشفى، والمرأة العاملة في المدرسة...الخ. وأن يكون المجتمع المدني مواكب في نموه السوق الاستثماري الذي صار يعتمد بشكل كبير على المرأة سواء كانت مستثمرة أو عاملة.

علينا في هذه المرحلة صياغة أهداف اقتصادية واجتماعية لنعرف بعد مضى فترة من الوقت ما الذي حققناه وما الذي لم يتحقق، وما هي النجاحات والعقبات في هذا السوق النسائي الجديد؟ بعد هذا نستطيع إيجاد رؤية مستقبلية متكاملة للمرأة في سوق العمل من أول السُلّم إلى آخره، كذلك نفهم احتياجاتنا جيدًا ونضعها في أولى الخطوات المقبلة حتى لا نتأخر كثيرًا كما حدث الآن!

www.salmogren.net

مقالات أخرى للكاتب