شعر

تعبٌ.. تقادم كالهوى

فَجْرَانِ فيِ صَدرِي سَينَفَجِرانِ

دَاعِي الهَوَى، وَدَوَافِعُ الِإيمَانِ

وَالبَرْزخُ المُمَتدُّ بَيُنهُمَا أَسىً

مِنْ لَهْفَةٍ، أو ثَورةِ الحيرانِ

هَذا يُفِيضُ منَ اليقِينِ بفَيضِهِ

فيُجَدِّد النسيانَ منه الثَّاني

وإذَا دَعَتْ لوَّامةٌ بضَجِيجِهَا

شَغَلَتْهُ بالإسْرارِ والِإعْلانِ

فَلئِن سَألتُك: ما هُنالِك ؟ مرّةً

أغرى السؤال بفتْنتين لِسَانِي

كأنَّه صفةٌ تُرِي موصُوفَها

وجْهًا لرُؤيا في وجُوهِ حِسَانِ

أَو هَبْهُ مِثقالَ الهوى، زعَمُوا له

رَجْحاً فرجّح قامةَ الميزانِ

فَتسَابَقَ القَومُ الذينَ أُحِبُّهُمْ

تُهَماً تسوقهُمُ إلَى الديّانِ

خطُّوا الذِي قَد خُوطِبوا، لِبَيَانِهِم

فخُطوطُهُم، وخِطابُهم سيَّانِ

فَاخفِضْ جَنَاحَ الذُلِّ حيثُ هُمُ ثَوُوا

وَتَرقَّ فِي ضَربٍ منَ الِإذْعَانِ

وَتحَرّ لفتةَ عاشقٍ سَكبَ الَأسَى

فِي موضع البُرَحَاءِ كالبُرهَانِ !

حَيثُ اسْتَلَمْتَ وشِيجةً، ذُكِرَتْ بِهْمْ

تُغْوِي بجَذبِ العاشِقِ الولْهانِ

فإلى التخفِّي، والتَّماهِي، والثُّوَى

في مقعدٍ عند المليك الحانِي

لم أكتشفْ طيب الموانع قبلها

مِنْ عُسْرةُ الإصْرارِ في جَريانِي

والعقْلُ : ثمَّةَ عاقِلٌ متحَيِّرٌ

مُتَخيِّرٌ الأَفْكَارِ للتِّبْيَانِ

وَخَطيئَتي شَهِدَتْ عَلى مَحْقِي لَها

إذ كَفَّ وَسواسِي عَن الدَّورانِ

يا حسرةً إن كنت أُنسيت السُّرَى

في غفلة الحلّ الذي أضْنَاني

وتشعَّبَتْ في وَاردٍ لا ينقَضِي

إلاَّ عَلى أمَلٍ منَ الإحسَانِ

فَرَضاً إذا امتزَجَ الحسابُ بصَرفِه

فلنحتسبْ غرفاً من الغفرانِ

والحبُّ يفعلُ كلَّ يومٍ فِعلَه

مُتَقَمِّصاً حُلَلاً من العَدنانيِ

والله يَستَهْوِي الجَمَالَ قلوبَناَ

حتّى تأُوب لِسَمْتِهِ الرَّوحَاني!

محمود عياشي - الجزائر