21-09-2014

الاحتراف والفساد وجهان لعملة واحدة

بدأت الشرطة الإيطالية عام (2012) سلسلة من التحقيقات الأمنية حول مدى قانونية حصول المئات من اللاعبين القادمين من قارة أمريكا الجنوبية على الجنسية الإيطالية بطرق غير قانونية، ساهم فيها بعض وكلاء اللاعبين الإيطاليين الذين دفعوا (رشاوى) لموظفي منح الجنسية في مدينة فيرمو الإيطالية مقابل صياغة وثائق تفيد بوجود أصول إيطالية لموكليهم، وذلك استناداً إلى قانون ينص على (إمكانية منح الجنسية للأجانب في إيطاليا للذين ينحدرون من أصول إيطالية)، الذي استغله بعض وكلاء اللاعبين الإيطاليين، الذين وصل عددهم إلى (1062) وكيل لاعبين إيطالياً فقط. وقد تم بالفعل تعليق جنسية (45) لاعباً بعد تلك التحقيقات، وهذا ما يفسر ويبرر تفشي وانتشار ظاهرة الفساد في كرة القدم الإيطالية، الذي ما زال ينخر في جسدها!!..

أما الفيفا فقد تنبه إلى تضخم عدد وكلاء اللاعبين في العالم؛ فأطلق في مايو (2011) نظام FIFA TMS الذي يُعنى بتسجيل اللاعبين المحترفين آلياً وعن طريق وكلاء معتمدين في الفيفا بعد أن اكتشف الفيفا أن (70 %) من صفقات انتقالات اللاعبين على مستوى العالم تتم عن طريق (وكلاء مجهولين)؛ ما ساهم في انتشار ظاهرة فساد وكلاء اللاعبين في العالم الذين يلجؤون إلى الحيل والطرق الملتوية لتحقيق المزيد من المكاسب المادية على حساب الأندية واللاعبين وسمعة اللعبة، مستغلين السيولة المالية المتوافرة في سوق انتقالات اللاعبين الموسمية.

وقد كشف الفيفا في نشرته «غلوبال ترانسفير ماركت ريبورت» عن القيمة الإجمالية لسوق انتقالات اللاعبين خلال عام (2013) فقط بأنها وصلت إلى (3.7 مليار دولار)، وأن نسبة وكلاء اللاعبين منها (30 %)، وهذا السبب المنطقي والرئيسي خلف قرار الفيفا المنتظر بإلغاء نظام وكلاء اللاعبين، واستحداث نظام (وسيط اللاعبين) الذي سوف يتم تطبيقه في مارس (2015)، وهو امتداد لتعديلات عدة، قام بها الفيفا للحد من عبث وتلاعب وكلاء اللاعبين المتزايد والمتنامي!!.. وفي البرازيل توصلت وزارة الرياضة البرازيلية بعد نكسة مونديال (2014) إلى ضرورة الحد من وتقليص صلاحيات عدد وكلاء اللاعبين البرازيليين الذين كان لهم دور كبير في تصدير المواهب البرازيلية الناشئة إلى خارج البرازيل، وتجنيسهم في الدول الأوروبية وغيرها من الدول. وقد تحدث في هذا الشأن صراحة السكرتير الوطني لكرة القدم بوزارة الرياضة البرازيلية تونينيو ناشيمينتو قائلاً: إن الحكومة ابرازيلية قلقة حيال دور وكلاء اللاعبين، خاصة أن بعض الوكلاء في كرة القدم يقومون بالتعاقد مع أطفال أعمارهم (14 عاما)!!.. هذه التحركات الحكومية الرسمية والاتحادات الوطنية الجادة حول العالم، التي تهدف إلى تنظيم وتقنين مهام ومسؤوليات وكلاء اللاعبين، واكبتها وسايرتها لجنة الاحتراف في الاتحاد السعودي لكرة القدم، فأصدرت اللجنة لائحة وكلاء اللاعبين الجديدة، التي كان الغرض منها إيقاف نزيف الفوضى والعشوائية المتجذرة والمنتشرة بين وكلاء اللاعبين السعوديين من جهة، وبين الأندية واللاعبين من جهة أخرى.

ولكن يبدو أن بعض وكلاء اللاعبين السعوديين تعودوا على العمل غير النظامي وغير الاحترافي؛ فقام بعضهم بعمل لا أخلاقي تجاه لجنة الاحتراف من خلال محاولة تشويه عمل اللجنة، والطعن في نزاهة رئيسها الدكتور عبدالله البرقان، مستغلين بعض الإعلاميين السذج والبرامج الموجَّهة الذين كبّروا وضخموا موضوع استخدام الحساب الشخصي لرئيس لجنة الاحتراف في إدارة عمل اللجنة، الذي وإن كانت وسيلته خاطئة إلا أن غايته كانت سامية، وهو ضمان تحصيل وسرعة حصول اللاعبين على حقوقهم!!.. ولكي يفهم الوسط الرياضي هذه الحرب الموجهة ضد رئيس لجنة الاحتراف عليهم أن يعودوا إلى لائحة وكلاء اللاعبين الجديدة، وقراءة موادها ولوائحها جيداً؛ حتى يدركوا ويستوعبوا أبعاد هذه الهجمة الشرسة على الدكتور عبدالله البرقان، وتحديداً المادة (7/ 1/ 7) التي تنص على «أن يكون متفرغاً للعمل كوكيل لاعبين، وفي حال كان موظفاً حكومياً أو موظفاً في القطاع الخاص فيشترط أن يكون عدد اللاعبين الذين يمثلهم لا يزيد على عشرة لاعبين)، وكذلك المادة (7/ 1/ 7) التي تقضي بأنه (لا يحق للوكيل أن يحصل على عمولته من النادي بدلاً من اللاعب، وأن اللاعب يتحمل دفع عمولة الوكيل في كل الأحوال). وهذه المادة الأخيرة أزعم أنها خلف كل هذه الزوبعة؛ لأنها منعت الفساد، وتصدت للمتنفعين الذين كانوا يقبضون عمولات من الأندية بدون وجه حق!!..

على كل حال، أطالب لجنة الاحتراف بالمضي قدماً نحو تطبيق لائحة وكلاء اللاعبين، وعدم التساهل والتهاون في تجاوزات بعض الوكلاء الذين يريدون ويسعون من وراء هذه الحرب المنظمة وعن طريق أصحاب المصالح الخاصة بالوكالة إلى أن ترضخ اللجنة لهم، ومن ثم فرض وصايتهم وشروطهم عليها، ولاسيما أن الاحتراف والفساد ببساطة هما وجهان لعملة واحدة إذا تُرك الحبل على الغارب لوكلاء اللاعبين يعبثون بالأنظمة كما يريدون ويتلاعبون باللوائح كما يشاؤون؛ لذا أحذر لجنة الاحتراف من تقديم أي تنازلات لهؤلاء العابثين والمتلاعبين مهما زادت الضغوطات وتنوعت الهجمات؛ لأن الأندية واللاعبين للتو شعروا بمعنى الاحتراف الحقيقي والنقي من خلال إيجاد حلول ناجعة وملزمة لكل الأطراف، تساعد وتساهم في تقليص مديونيات الأندية المتضخمة والمتراكمة، وتحفظ الحقوق المستحقة، وتضمن سدادها لأصحابها وفي وقتها بكل أمانة ونزاهة وعدل!!

أخيراً يقول جورجيو مارشيتي مدير اتحاد كرة القدم الأوروبي للكرة الاحترافية:

هناك حاجة ماسة لوجود أشخاص مؤهلين يعملون وكلاء لاعبين؛ إذ إن الوكلاء العاملين الحاليين (يدمرون) كرة القدم في العالم. والوضع الحالي أشبه (بالغابة)؛ إذ إن هناك وكلاء مرخصين يعملون إلى جنب آخرين غير مرخصين، وإن الكثير من ثروات كرة القدم يجد طريقه إلى جيوب الوكلاء غير المرخصين بطرق مشبوهة وملتوية، حان وقت كشفها ومنعها!!

suliman2002s@windowslive.com -- saljuilan@hotmail.com

للتواصل عبر التويتر: SulimanAljuilan

مقالات أخرى للكاتب