25-09-2014

مجاهدون بجوازات مزوّرة!

يقول الشيخ محمد ابن عثيمين يرحمه الله في رد له على سؤال حول مشروعية الخروج للقتال دون إذن ولي الأمر «إن الذي يخرج ليجاهد وحده هو خارج عن الجماعة». هذا الرد يؤكّد أن الذهاب لساحات القتال دون إذن معصية وهو ما أكّده فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان في أكثر من رد له على أسئلة المستفتين، ومن ردوده قوله بالنص «لا يكون مجاهداً من خرج إذا عصى ولي الأمر وعصى والديه لا يكون مجاهداً، بل عاصيا». ولي الأمر هنا هو ملك البلاد وفي بعض الدول أميرها أو سلطانها أو رئيسها وليس أمير الجماعة أو رئيس العصابة الإرهابية. اتفاق علماء الأمة المعتبرين على هذه الجزئية الهامة يجعلنا لا نحتاج إلى طول شرح أو إعادة أو تكرار فكل الذين خرجوا لمواقع القتال أو «الانتحار» هم عاصون لله ولرسوله لأنهم خرجوا دون الحصول على إذن من ولي الأمر ولذلك رأى الشيخ صالح الفوزان بأن هؤلاء لا يعتبرون في عداد الشهداء.

هذه معصية تجعل المقصد غير نبيل لذلك ظل من غسلت أدمغتهم طوال السنوات الماضية يبحثون عن مخارج توصلهم للالتحاق بجبهات القتال الملتهبة فسلكوا طرق التهريب، أو الوصول عن طريق دول أخرى وقد يدفع بعضهم رشاوي للنقاط الحدودية في تلك الدول ليسمح لهم بالمرور، وهنا تكون الوسيلة فاسدة وهي معصية أخرى لله قبل أن تكون للخلق.

آخر الصدمات تلقيناها مؤخراً باعترافات بعض الشباب الذين ذهبوا لمناطق الصراع تحت غطاء الجهاد في سبيل الله ثم عادوا بعد أن ابتسم لهم الحظ بالرجوع إلى أحضان وطنهم، إذ كشفوا عن عبورهم للحدود بجوازات مزوَّرة، ومغادرة بعضهم بجوازات لأفراد آخرين. يقول أحد هؤلاء الشباب عبر لقاء تلفزيوني إنه قد تجاوز من أمام موظف الجوازات بجواز سفر أحد أبناء عمومته، وأن شقيقه الذي قتل في سوريا هو الآخر قد غادر بجواز سفر لأخيه الذي تبعه لاحقاً. وهنا سؤال يطرح نفسه كيف يخرج هؤلاء وهم وفق فهمهم العليل قد ذهبوا للجهاد والاستشهاد بوسائل مزيّفة ووثائق مزوَّرة، وقد عصوا قبل ذلك ولاة أمرهم وآباءهم وأمهاتهم، كيف يرجون الأجر والثواب ودخول الجنة مع الصديقين والشهداء وقد ارتكبوا كل تلك المعاصي. أجزم أن كل الذاهبين لساحات القتال لا يملكون عقولاً سليمة يفكرون بها وإلا لهدتهم إلى الطريق الصحيح وإنما للأسف يفكر بالنيابة عنهم، وما هم إلا أدوات يتلقون الأوامر ثم ينفذون دون وعي أو إدراك! لو كان في عقولهم مساحة صغيرة للتفكير لما تركوا أهلهم وعائلاتهم وذهبوا للقتال مع جماعات لا يدرون ما هي أهدافهم الحقيقية، وهي أهداف بدأت تتكشّف كل يوم فقط أمام أصحاب العقول السليمة؟

السؤال الآخر كيف خرج هؤلاء الشباب من أمام موظفي الجوازات في منافذ بلادنا الحدودية هكذا ببساطة دون تدقيق؟ سؤال مهم جداً لا بد من الإجابة عليه فقد يكون في تلك المنافذ بعض المتساهلين أو الغافلين أو المتواطئين. أمر لا ينبغي أن يمر بسهولة لخطورته. ثم لا بد من ضبط كل المنافذ بأجهزة بصمة وكاميرات مراقبة للموظفين والمسافرين ليقفل الباب تماماً أمام أي محاولة لمرور غير مشروع.

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب