27-09-2014

كوميديا العمالة البطرانة

هي كوميديا حقيقية على أرض الواقع نشاهد فصولها على الطّبيعة بلا مسرح ولا صالة سينما ولا تلفزة، كوميديا لو عُرضت على شاشات التلفاز لاستقطبت نسبة عالية من المشاهدة، لأنّها بالتأكيد ستتفوق على المحاولات المستميتة من بعض الفرق الفنيَّة لإضحاك المشاهدين لا سيما مسلسلات رمضان، مهما طُعّمت بالمُحَسّنات والمناظر الجاذبة إلا أن المشاهد قد اكتسب مهارة في ذائقته يُميّز بها الغَثّ من الجيد، هذه الكوميديا مُحزنة للمواطن الغيور على بلده من عبث العابثين، غير أنها لدى العمالة الرديئة التي ابتلينا بها تُعدُّ ضربًا من الكوميديا التي أنتجتها عقولهم بالتدرج لأنهم لم يجدوا (في مشاعرهم الخاصَّة ونظرتهم القاصرة) من يقول لهم بحزم (كفى)، هم كذلك لا ينفع معهم العطف واللطف لأنهم من نوعية وفئات دونية في الغالب لم يعتادوا في بلادهم كل هذا التسامح والرفق، فتولدت لديهم أحاسيس بأن أنظمتنا متراخية أو أن جهازنا الأمني لا يدرك معنى النظام، فأخذوا بالتمادي رويدًا رويدًا إلى حد التَّحدِّي والتباهي فيما بينهم بتجاوز الأنظمة دون خوف، وهذا في ظني يعود للأسباب التي قلت آنفًا ولجهل كثير من الطبقة العاملة المُسْتَجلبة إلينا بمجريات النظام وحدود الالتزام به وتنفيذه والعقوبات المترتبة على التجاوز، فالتنافس على الكسب المادي مهما كان مصدره وطريقة كسبه هو المهم في أذهانهم وهو الأمر الرئيس الذي قدموا من أجله، أو كما وسوست لهم عصابات تصدير العمالة: إن هذه البلاد زاخرة بالخيرات، وكلما اجتهدت بطريقتك الخاصَّة وذكائك ستصل لدرجة الغنى في أقصر مدة زمنية، وإن العقوبات في حال الوقوع بالخطأ وقُدّر أن وقعت في قبضة أمنيَّة؛ فلن يكون العقاب أقسى مما أنت فيه الآن، فاحسم الأمر وأبحث عن أيّ عصابة تتلقفك وتُهرّبك أو تُزَوّر أوراقك أو تَبْتَلي بك مكتب استقدام ينقلك إلى هناك حيث يمكنك أن تعمل أيّ شيء وتُفْسد حتَّى تتعلم أيّ مهنة يمكن أن تتستر بها مهنيًا، وبعدها يمكنك أن تتشرط على أصحاب العمل كخبير وافد.

وهنا أمثلة لأعمالهم الجريئة المستهترة، مما أُصَنّفه كنوع من كوميديا العمالة البطرانة غير المبالية: شعبة التحريات والبحث الجنائي بشرطة محافظة جدة تَمكّنت من القبض على تشكيل عصابي من جنسيات عربيَّة وآسيوية مكون من 15 شخصًا انتحلوا صفة رجال أمن واستدراج العمالة الوافدة وسلبهم، وفي الطائف سكنَت مجموعة من اللصوص المخالفين فيلا مهجورة مملوكة لطبيب عيون كان قد نُقِلَ إلى محافظة جدة، وأقاموا بها فترة من الزمن، واستطاعوا تهريب معدات طبية ثمينة من الفيلا، وبعد خروجهم منها كتبوا على جدارها الخارجي (الموقع للبيع) مع وضع رقم جوال للتواصل، ومواطنة هرب سائقها الخاص واكتشفت أنّه يعمل لدى زوج صديقتها التي كانت أحيانًا توصلها تعاونًا منها، وحين الإبلاغ عن السائق تبيّن أن عليه مخالفات بآلاف الريالات ويرفض التسديد بل يطالبها برواتب متأخرة كما يزعم! (كيف تَمَّ الإفراج عنه)؟ وفرع التجارة بحائل يدهم مستودعًا حولته عمالة وافدة إلى مصنعٍ مصغرٍ لأنواع من البسكويت بأغلفة بدائية كتبت عليها ما زعموا أنها أحاديث نبوية تؤكد أن المنتج يذهب الغم والحزن، (منتهى الاستهبال)!

@alialkhuzaim

مقالات أخرى للكاتب