27-09-2014

الحرب على داعش

نجحت «داعش» باقتدارٍ كبير على ترسيخ صورة مرعبة عن الإسلام ليس في دول الغرب بل في العالم أجمع! وقد تصادف خلال الأشهر الأخيرة أنْ التقيت بعدد كبير من الأجانب من مختلف الجنسيات، وذلك في مناسبات عامة ومناسبات خاصة داخل وخارج المملكة، وكان الحديث في كل مرة يبدأ في تبادل عبارات المجاملة ثم يتطور إلى ما صار يسمى بـ «ظاهرة الإرهاب الإسلامي». وكان من المحزن أن يتحول دوري ودور مَنْ معي مِن المسلمين، دائماً، إلى شرح ما كان يجب أن يكون معلوماً للجميع وهو أن الدين الإسلامي هو دين الرحمة والعدل واحترام النفس البشرية التي كرمها الله على جميع مخلوقاته.

في كل النقاشات، وبخاصة خلال هذا الصيف عند إعدام الصحفيين الأجانب بطريقة وحشية، كنا نقف موقف المدافع لصد الاتهامات الموجهة للإسلام وشرح حقيقة وجوهر الدين الإسلامي الذي لا تمثله «داعش» ولا الجماعات الإرهابية الأخرى!

تحاورنا مع أناس من مختلف الأجناس والأديان، وكانت انطباعاتهم واحدة وجميعها تربط بين الإسلام والإرهاب وكراهية المسلمين للآخرين! لم تكن تلك هي انطباعات الأوروبيين والأمريكيين وحدهم ولكنها كانت أيضا انطباعات أشخاص من جنسيات أخرى مثل اليابان وكوريا والمكسيك وفنزويلا وغيرها تصادف لقاؤهم في ندوات وتجمعات علمية.

وكان من سوء الحظ، ونحن في عز نقاشاتنا، أنَّ «داعش» كانت تمطرنا بعمليات إرهابية متتابعة تبرزها وكالاتُ الأنباء وكانت كلها عمليات دامية وحشية لا تقيم أي وزن للاعتبارات الإنسانية! فكان ما نقدمه لغير المسلمين من معلومات عن الإسلام الرحيم تلغيه «داعش»، وببساطة شديدة، بعملية وحشية تتلذذ في عرضها على مواقع التواصل الاجتماعي.

هذه الإرهاب الداعشي كان يجب أن نتحرك مبكراً لمواجهته ليس فقط لأنه يسيء إلى سمعة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ولكن، أيضا، لأنه ظلم، والسكوت عن الظلم مشاركة فيه! وقد كان خادم الحرمين الملك عبدالله محقاً عندما طلب من بعض المشايخ أن ينفضوا رداء الكسل وأن يخرجوا عن صمتهم، فالمملكة هي مهبط الوحي وهي قبلة العالم الإسلامي وكان قَدَرُ هذه البلاد أن يرتبط اسمها بالإسلام وهو شرفٌ كبير لها. كان طبيعياً ان تتقدم المملكة الصفوف لحماية الإسلام من أن تختطفه «داعش» أو أي منظمة إرهابية تغرر بالشباب وتجندهم لتنفيذ اعمال تتنافى مع أبسط قيمة دينية وأخلاقية وإنسانية.

وقد جاءت مشاركة المملكة في ضرب مواقع «داعش» خلال العمليات العسكرية الأخيرة تأكيداً لموقعها الريادي في العالم الإسلامي وتأكيداً لموقفها المناهض للإرهاب. كما أن البيانات والتصريحات المتتابعة التي جاءت من هيئة كبار العلماء ومن طلبة العلم الشرعي باختلاف مواقعهم تؤكد أيضا أن ثمة صحوة وتمحيصا أخذت طريقها فليس كل منظمة ترفع لواءً كُتب عليه شعارات إسلامية هي بالضرورة تمثل الإسلام الحقيقي.

وبالمناسبة، قد يعتقد البعض أن «داعش» تدافع عن «الإسلام السني»، لكن الحقيقة هي ان لا أحد أساء إلى الإسلام السني ـ إنْ صح التعبير ـ مثلما فعلت «داعش» بل أنها بأفعالها حجبت عن الأعين كل التجاوزات والمظالم التي حدثت وتحدث للمسلمين السنة في بعض المناطق بالعراق بدوافع طائفية بغيضة، وقد كان السنة أنفسهم من أبرز ضحايا «داعش». لا أقول ذلك انطلاقاً من أي اعتبارات مذهبية ولكن تأكيداً لأمر يعرفه أكثر المتابعين للأحداث الكارثية المحزنة التي جعلت أبناء البلد الواحد يتقاتلون في حرب عبثية غبية.

إن «داعش» خطرٌ يهدد الجميع بلا استثناء، وما لم تتضافر الجهود لمحاربتها فسوف تغرق المجتمعات الإسلامية في بحور من الدماء وسوف نعيش في عزلة عن العالم أبشع من تلك التي فرضها سيء الذكر أنور خوجة على دولة ألبانيا وأعادها قرون عديدة إلى الخلف!

alhumaidak@gmail.com

ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب