02-10-2014

بعد كل ما دفعته غزة في حربها.. داعش اليوم تقلب المعادلة لصالح العدو الإسرائيلي

صباح يوم الخميس الماضي الذي وافق 25 سبتمبر 2014 تفاجأ رواد المترو في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية والذاهبون إلى أعمالهم في الصباح بإعلانات كبيرة منتشرة في كل قطارات نيويورك وتقول بالخط العريض: حين تكون الحرب بين الإنسان المتحضر والإنسان البدائي فمع من تكون؟

ستكون بالطبع مع إسرائيل. لنقف مع إسرائيل في دفاعها عن النفس وضد الفلسطينيين والداعشيين!

ما الذي كان يمكن للمسلمين وللعرب والمتعاطفين والمعارضين لهذه الدعايات أن يفعلوا سوى وضع بعض الملصقات فوقها والتي تندد بها مما اعتبره البعض تدخلا في حقهم للتعبير عن أرائهم بحرية فما الذي حدث؟ جذب ذلك بالطبع وسائل الإعلام الأمريكية المتعاطفة أصلا مع الشأن الإسرائيلي بحكم قوة اللوبي اليهودي وخاصة في مدن صنع القرار الأمريكي مثل نيويورك وواشنطن دي سي والتي تفجرت بالأمس في هذه الوسائل للتساؤل حول قانونية نشر هذا النوع من الدعايات التي يعتبرها البعض معادية وتحرض على الكراهية كما يحرمه الدستور الأمريكي؟

أوضح الناشطون في الحملة ضد المسلمين والمناصرين لإسرائيل أنهم لم يضعوا هذه الإعلانات إلا بعد موافقة المشرع الأمريكي وأنها لا تعتبر تحريضا للكراهية ولكن دفاع عن النفس وإيضاح لوجهة النظر.؟؟؟

هنا نأتي للمفيد فماذا نحارب ولماذا نحن نصارع بهذا الشكل؟ لماذا وضعنا في هذا الوضع الكريه؟ وضع المدافع عن كونه إنسانا وليس حتى إنسان متحضر؟؟ لماذا تم تصويرنا كمتوحشين قتلة نشرب دماء أعدائنا وننحر البشر البسطاء (كالرهينة المسكين سائق التاكسي البريطاني) الذي بدا مسكينا وبائسا والوحشي الداعشي (البريطاني الأصل) يمسك به من طرف سترة الموت أمام الكاميرا قبل قتله رغم حياته المليئة بالتعاطف مع العرب فهل نستحق بعد كل ما تفعله داعش من تشويه مريع لنا أمام الإعلام أي تعاطف؟ أشك في ذلك؟ لماذا؟

لأننا أمام وحش كراهية مخيف شوه كل الإنجازات التاريخية والوطنية التي صنعها الصامتون والمناضلون وغير المعروفين والذين قتل أبناؤهم واحبابهم في غزة وسوريا ولبنان وغيرها من مدن الصراع دون أن تعنى وسائل الإعلام الأمريكية بهم لكن على الأقل كنا نعتقد أن تضحياتهم سيكون لها أثر ما والذي سيبقى ذكر أحبابهم وأطفالهم عبر حملة التعاطف الكبيرة التي شملت الغرب الأمريكي إبان حرب غزة مع العدو الإسرائيلي كما ضمت إلى صفوفها الكثير من الأوربيين المتعاطفين أصلا مع القضية الفلسطينية لكن الآن ما هو الوضع؟ ما موقفنا كما يرى الرأي العام الأمريكي والأوروبي والذي يؤثر على صناعة القرار.

لنتذكر أن غزة فقدت خلال حربها الأخيرة 2471 قتيلا هم اليوم مجرد أموات ولا أثر لفقدهم. عاد التيار المعادي للعرب وللإسلام كأقوى ما يكون في أمريكا وأوربا وتباً لداعش التي قلبت المعادلة لصالح الأعداء فهل هي حليفة للعدو الإسرائيلي؟ هل داعش هي الورقة التي سترغمنا على قبول إسرائيل كحقيقة على الأرض بعد أن انقلبت علينا قوى العالم؟ من يعمل لمن؟

هي أسئلة يجب على كل الأجيال دون استثناء الإجابة عليها والتأمل فيها بدل أخذ الحقائق من عالم الإنترنت دون تثبت؟ من يرى فظائع داعش ويرى قدرتها على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي سيعرف كيف تبدو الأمور مزيفة. كيف دمرت داعش كل ما فعله المناضلون ودفعوه لنصبح بين ليلة وضحاياها الإرهابيين المتشددين المخيفين الذين ينحرون الناس أمام شاشات التلفزيون؟؟!!!

سيقول البعض: ومن يهمه ما يعتقد الغرب؟ أقول لك: أنت تخدع نفسك فلا بد أن يهمك ما يحدث فهنا مراكز صنع القرار سواء أحببت ذلك أم لم تحببه هل تتذكرون ماذا حدث معنا مثلا حين شبت الموجة العرقية ضد الأثيوبيين وضد البنغاليين الذين اتهموا بأبشع التهم وصدرت تلك الفيديوهات المخيفة التي تصورهم كقتلة ومتوحشين وهو ما دفع حتى الرسمي لاستصدار قرارات كإيقاف الاستقدام من دول معينة آنذاك.

هذا بالضبط ما يحدث الآن في أمريكا وأوروبا سواء أحببنا ذلك أو لم نحببه. داعش تؤجج العالم ضد الإسلام وضد العروبة وضد القضية الفلسطينية بما يحق لنا أن نسأل لصالح من يحدث هذا؟ لصالح من تعمل داعش؟

لنا كل العذر كسعوديين وكخليجين والعالم ككل أن نتحد ونواجه هذا العدو المسمى داعش أينما كان.. على الأرض أو في الفضاء الحقيقي أو الافتراضي وأينما كان.

تبا لداعش؟ الآن وفي كل التلفزيونات الأمريكية... مسلم من أصل أفريقي ينحر أحدهم في إحدى المدن الأمريكية الصغيرة لأنه لم يسلم ويختطف آخر ويهدد أمام الكاميرا بنحره إن لم يعلن إسلامه؟ تبا لكم؟ لم نعرف إسلاما كهذا وآباؤنا ربونا على الفطرة والمحبة ولم أر والدي يوافق حتى على نحر عصفور وهو لم يصرخ في وجهي حتى ولو مرة فكيف تنحرون الناس طلبا للإيمان؟ تبا لداعش ولأمثالها. أوقفوها عن الحياة حتى نعيش.

مقالات أخرى للكاتب