06-10-2014

خدمة الحجيج.. هل يراها هؤلاء؟!

أتابع، كما كثير منكم، حجاج بيت الله، ويلفت النظر هذا التطور المذهل، الذي تشهده الخدمات التي تقدّمها حكومة المملكة، عاماً بعد عام، ولك أن تتخيل شعور هؤلاء الحجاج الذين لبوا نداء ربهم، وجاؤوا من كل فج عميق، ولكل واحد منهم قصة، فلئن كان الحج ميسراً لمن هو في داخل المملكة، فإن هناك من إخواننا المسلمين من يعمل طوال عمره، ليتسنى له أداء هذه الفريضة، وتكاد تقرأ كل مشاعر الفرح، وأنت تتفحص هذه الوجوه المرهقة، والفرحة في آن، ولك أن تتخيل القصص التي سيختزلها كل واحد منهم عن الخدمات التي قدّمت لهم، أو التوسعات التي لم تخطر لهم على بال، وكل هذا تقدّمه حكومة المملكة بصدر رحب، فجزء كبير من ميزانية هذه البلاد يذهب لإعمار الحرمين، وخدمتهما، وهو لعمري شرف تفخر به حكومة المملكة، ومواطنيها.

ذات زمن، وحينما كنت عميداً لمعهد اللغويات بجامعة الملك سعود، دلف إلى مكتبي طالب من باكستان، كانت حكومة المملكة قد منحته بعثة لدراسة اللغة العربية في الجامعة، وكنت آنس به، وبحديثه الماتع، ولكنه هذه المرة كان يبكي بحرقة، وعندما هدأت من روعه، أخبرني أن المسؤولين أخبروه بأن بعثته قد انتهت، ثم صارحني بأن هدفه الرئيس من المجيء للمملكة هو أداء فريضة الحج، وهذا لن يتسنى، طالما بعثته قد انتهت، ولأن مسؤولي الجامعة قريبون من كل خير، فقد سعيت لديهم لتمديد بعثته، ونجحنا، بعد جهد جهيد في ذلك، حتى تمكّن من أداء مناسك الحج ذلك العام، ولا يمكن أن أنسى فرحته الطفولية، وتصرفاته اللا إرادية، عندما علم بموافقة المسؤولين على بقائه، ولا يراودني شك بأن هذا شعور كل حاج من هؤلاء الملايين، الذين تتشرّف بهم المملكة كل عام.

المؤلم في كل هذا، أنني أتابع وسائل التواصل الاجتماعي، لأرى إن كانت كل هذه الجهود الجبارة في خدمة الحجيج تستحق ما يُقال، من بعض أقطاب الإسلام السياسي في المملكة، ولكن هيهات، فهؤلاء الذين لا يتوقفون عن التطبيل لدول أجنبية، ولزعمائها، لأنها قامت ببناء مسجد هنا، أو مركز هناك، تجد أنهم لا يسمعون، ولا يرون، ولا يتكلمون، عندما يتعلق الأمر بالمملكة، حتى ولو كان للموضوع صلة بالإسلام، وخدمة المسلمين، وإعمار أطهر المقدسات في التاريخ الإنساني، فهلا يراجعون أنفسهم، لا لأجل بلدهم، بل لأجل أنفسهم!

ahmad.alfarraj@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب