06-10-2014

من هم وقود الثورات وضحايا الجهاد ؟!

يتجه أي تكوين سياسي لكسب التحالفات والمؤيدين وأفراد هم بمثابة حطب الإيقاد التي تستعر به نار الامتدادات والتوسع الإقليمي أو الفكري أيضاً. وللحركات الجهادية نصيب الأسد من هذه الاستراتيجيات التي تعمد إلى استقطاب الداعمين والمؤيدين ولنسميهم مع سبق الإصرار والترصد «شهداء». منذ انتصار الثورة في إيران 1979 وقيام القاعدة في أفغانستان، والمشرق العربي محل استهداف قطبي الجهاد والثورة (إيران والقاعدة) كل منهما معني بتصدير فكره عن طريق اختراق مجتمعاتنا واصطياد الضحايا من أحضان عوائلهم وإلقائهم في ساحات المعارك أو نقيع الثورات.

في كتاب «الجهاد في السعودية» للدكتور النرويجي توماس هيغهامر، الذي قضى أعواماً يطارد تفاصيل الحالة الجهادية بالسعودية، منذ نشأتها، وتكوّنها، وروافدها الفكرية، ثم تصاعد المواجهات، واحتدامها في الداخل السعودي. الكتاب الذي حوى كل التفاصيل التي نعرفها والتي لا نعرفها عن كل ما فعله تنظيم القاعدة في جزيرة العرب منذ ما قبل 11 سبتمبر وحتى نهاية 2009م. وضع الباحث النرويجي (الوضع المادي والمستوى التعليمي) كمؤشرين للفئة الواقعة تحت أكثر الفئات تأثراً بالفكر الجهادي وأكثرها استيعاباً لشحنات التحريض وإغراءات الجهاد. وهذان المعياران ينطبقان - حسب ما أرى - على الفئة التي تستهدفها إيران لإمداد الأقاليم بعدوى ثوراتها وكسب حلفائها (حزب الله وحوثيي اليمن أنموذجاً). ولكن هل هذا كل شيء؟ هل ينطبق هذا التصنيف على مجاهدي وحلفاء اليوم؟ الشهر الماضي نشرت الصحف خبر فتاة بريطانية من أصل صومالي هربت من بريطانيا للالتحاق بمقاتلي الدولة الإسلامية (داعش) كما أن الإحصاءات أثبتت أن المئات من البريطانيين التحقوا بداعش خلال الشهور الفائتة. كما أننا لم ننفض من ذاكرتنا بعد الدكتور السعودي الشاب الذي استبدل سماعة الطبيب بسكين، وانتقل من إنقاذ الأرواح لإزهاقها!.. فهل هؤلاء يمكننا وضعهم في خانة سوء الوضع المادي أو تدني المستوى الدراسي؟. منذ 2009 للآن ثمة تغيرات ضخمة على صعيد آليات استقطاب الحلفاء والموالين، سواء من جانب إيران أو الجبهات الجهادية في العراق وسوريا. وانضواء المثقفين والأكاديميين وذوي الدخول الجيدة والوضع المادي المستقر تحت مظلة الولاء لهما يجعلنا نتعمق أكثر في استكشاف الدوافع الحقيقية وراء ذلك.

إيران لم تتغير كثيراً - في حالة حوثيي اليمن مثلا - مازالت تسير وفق خارطة الخرافات وروايات آخر الزمان وظهور المهدي الغائب ورايات اليمن! تقتات على جروح الشعوب وآلام القمع، تستهدف المألومين ممن أنهكهم الإقصاء الديني. إيران تشم رائحة هشاشة الأرواح ونزف المظلومية الداخلي لتضع نفسها الحضور المنقذ ومجداف النجاة.

داعش - في المقابل - تستقطب جرحى العنصريات واليائسين والمكلومين من حالة المسلمين المتراجعة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وغيرها، بصناعة حلم «دولة الخلافة» حيث صرحت بعض التقارير أن المهاجرين من البريطانيين غالبيتهم من أصول أفريقية مسلمة هاربة من ضغط عنصري ديني أو عرقي.

وقود الثورات اليوم ليسوا من المعوزين أو ضمن حقل المستويات العلمية الأولية، إنما من هؤلاء المتعبين والتائهين، هؤلاء الباحثون في ظلمة أوضاعهم عن بصيص نور، يهرعون لنيران الثورات يحسبونها نوراً.. فتحرقهم نارها!

kowther.ma.arbash@gmail.com

kowthermusa@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب